[الترف من أخطر الأدواء التي تودي بحياة الأمة]
أيها المؤمنون! إن من أخطر الأدواء التي تودي بحياة الأمة الترف، وما أدراك ما الترف؟ داءٌ عضال، ومقتٌ ووبال، يقتل النخوة، ويقضي على البطولة، ويخمد الغيرة، ويفرز الوهن، ويكبت المروءة، ويضعف الهمة، ويفرز غثاءً متصكعاً يعيش بلا عقل ولا علم ولا تفكير، في تأنثٍ لم يبق معه إلا أن تلحق بصاحبه تاء التأنيث أو نون النسوة!
ضجعة يغط في النوم ما يغط، حتى إذا ما أفاق على صيحة لم يزل يرددها ترديد الببغاء
لو اطلع الغراب على رؤاهم وما فيها من السوءات شابا
استنوق وخضع وتأنث!
وما عجبي أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال عجاب
همه ما يأكله، وقيمته ما يخرجه يذكر اليوم وينسى الغد، أشباحٌ بلا أرواح، جسومٌ بلا رءوس، والسبب الترف بغير هدف.
نوم الغداة وشرب بالعشيات موكلان بتهديم المروءات
يستغيث المستضعفون والمحرومون في الأرض، فلا يُهب لنصرتهم، ومن أعظم الموانع الترف.
حقوق الله تنتهك، وحدوده تتجاوز، وأوامره تضيع، ويطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم قصصاً وروايات ونظماً ونثراً، ثم لا يهب لإنكار المنكر، ومن أعظم الأسباب الترف.
يركن إلى الظلمة، والداعي هو الترف
يحارب الله -جلَّ وعلا- بالربا، والداعي هو الترف
تثقل الكواهل بالديون، والداعي هو الترف
يؤكل بالدين، والداعي هو الترف
يجلس الواحد ريان شبعان متكئاً على أريكته، حتى إذا ما طلب منه نصرة دينه، أو كلف بمهمة، أو عوتب في استغراقه في لهو؛ اندفع كالسهم مردداً: {يا حنظلة ساعة وساعة} وكأنه لا يحفظ من القرآن والسنة الصحيحة غيره والسبب الترف.
سقطت فئةٌ من شباب الأمة في أوحال المسكرات والمخدرات وعلى رأس الأسباب الترف.
امتلأت البيوت بالخدم والسائقين والداعي هو الترف.
ترفٌ شائع، وحقٌ ضائع، والسبب الترف، قال الله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} [الإسراء:١٦].
أما إن الاستقامة التامة لا تكون بالترف، وإنما بالقصد القصد: {والله ما الفقر أخشى عليكم} ذاك قول المصطفى نبيكم صلى الله عليه وسلم.
يقول سعد رضي الله عنه: [[ولقد رأيتني مرةً قمت أبول من الليل، فسمعت تحت بولي شيئاً يجافيه، فلمست بيدي، فإذا قطعة من جلد بعير، فأخذتها وغسلتها حتى أنعمتها، ثم أحرقتها بالنار ورضضتها، فشققت منها ثلاث شقائق، فاقتويت بها ثلاثاً]] ثم لم يكن إلى الرضا والتسليم والصبر الجميل!
مصابرٌ حيث تجيش الأنفس عرضٌ نقيٌ وأديم أشوس
والنعيم لا يدرك بالنعيم.