ومن عوامل بناء النفس: المداومة على العمل وإن قل؛ لأن المداومة على الأعمال الصالحة والاستمرار عليها تثبيت وترويض للنفس البشرية لمواجهة أعباء الطريق وتكاليفه، وصرفٌ لمكايد الشيطان ونوازعه، ولذا لمَّا سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم:{أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل} كما روى البخاري، ويقول صلى الله عليه وسلم:{تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد} فإذا عود المرء نفسه على الفضائل انقادت له -ولاشك- وإذا تهاون فأقدم مرة وأحجم مرة كان إلى النكوص أقرب، والشيطان إذا رآك مداوماً على طاعة لله عز وجل فبغاك وبغاك؛ فإن رآك مداوماً مَلَّكَ ورفضك، وإن رآك مرة هكذا ومرة هكذا طمع فيك؛ فداوم على الطاعات؛ فإن الله من فضله وكرمه أنه إذا جاء ما يصرفك عن أداء الطاعات من عجز ومرض وفتنة؛ فإن الأجر يجريه الله تعالى لك كما كنت صحيحاً كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري:{إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً} فضلاً من الله ونعمة فله الحمد.