وفريق آخر في تلك الساعة يشقى، حسب أن الحياة عبث ولهو ولعب، وإذا به يعاني أول المعاناة، نزلت عليه ملائكة سُود الوجوه يقدمهم ملك الموت -نعوذ بالله من خاتمة السوء، وساعة السوء- يقول: أيتها النَّفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتنزع نزعًا بعد أن تفرق في الجسد، ثم ترفع فلا تُفتح لها أبواب السماء، تُحمل الجنازة على الأكتاف وهي تصيح: يا ويلها، أين تذهبون بها؟! ثم تُسأل فلا تجيب فُيفرش لها من النار، ويُفتح لها باب إلى النار، فنعوذ بالله من النار، ومن سوء الختام، وغضب الجبَّار.
ذَكَرَ صاحب: قصص السعداء والأشقياء أنه وقع حادث في مدينة الرياض على إحدى الطرق السريعة لثلاثة من الشباب، كانوا يستقلُّون سيارة واحدة، توفيَ اثنان منهم في الحال، وبقيَ الثالث في آخر رَمَقٍ يقول له رجل المرور الذي حضر الحادث: قل (لا إله إلا الله) فأخذ يحكي عن نفسه ويقول: أنا في سَقَر، أنا في سقر، أنا في سقر، حتى مات على ذلك، فلا إله إلا الله! رجل المرور يسأل ويقول: ما هي سقر؟ فوجد الجواب في كتاب الله عز وجل:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}[المدثر:٤٢ - ٤٣]{وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ}[المدثر:٢٧ - ٢٩] نسأل الله العافية والسَّلامة.
عباد الله: فريقان لا ثالث؛ شقي وسعيد، فريق في الجنة، وفريق في السعير، فريق استراح، وفريق استراح منه العباد والبلاد، ومضى إلى جنهم وبئس المهاد.
ألا ترون؟! ألا تتفكرون؟! ألا تنظرون؟! تشيعون كل يوم غاديًا إلى الله، قد قضى نحبه، وانقضى أجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض.
خُلع الأسباب، وترك الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، انتهى أمله وأجله، تبعه أهله وماله وعمله، فرجع الأهل والمال، وبقي العمل.
فارق الأحبَّة والجيران، هجره الأصحاب والخلاَّن، ما كأنه فرح يومًا، ولا ضحك، ولا أَنِسَ يومًا ما، ارتُهن بعمله فصار فقيرًا إلى ما قدم غنيًا عما ترك.
جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا وبنوا مساكنهم وما سكنوا
فكأنهم كانوا بها ظُعنًا لمَّا استراحوا ساعة ظَعَنُوا