العاشرة: عَوِّض ما فاتك، من الناس من يتحسر على ما مضى من تقصيره، ويسرف في ذلك حتى يضيع حاضره، ويقطع عليه مستقبله؛ فيأتي عليه زمان يتحسر فيه على الزمن الذي ضيَّعه في الحزن والتحسر.
إن تعويض ما فات لا يكون بالندم على ما فات فحسب، ولا باجترار أحزان الماضي؛ إنما يكون بالجد والعمل واغتنام كل فرصة قادمة ليتقدم بها خطوة، وهذا دليل الكيس، وآية علو الهمة.
ابن عقيل الحنبلي رحمه الله، وهو في الثمانين يقول:
ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولاديني ولا كرمي
وإنما اعتاد شعري غير صبغته والشيب في الشعر غير الشيب في الهمم
فإن كنت ترجو معالي الأمور فأعدد لها همة أكبرا
تلك النفوس الغالبات على العلا والحق يغلبها على شهواتها
ألا فليحمد الله من ضيع وقصر على إمهاله له، وليعوض؛ فأيام العافية غنيمة باردة، وأوقات الإمهال فائدة؛ فتناول وعوض ما دامت عندك المائدة، فليست الساعات بعائدة:
فإن تك بالأمس اقترفت إساءةً فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تُبقِ فعل الصالحات إلى غدٍ لعل غدًا يأتي وأنت فقيد