يقول السيد محمد نوح:(رغيف الخبز على صغر حجمه لا يصل إلى الإنسان إلا بعد عمل عشرات بل مئات من البشر تعاونت على تجهيزه وإعداده وتقديمه، ومن كان في شك من ذلك فليسأل نفسه: من حرث الأرض؟ ومن بذر الحب؟ ومن سقاه بالماء؟ ومن نظف الحشائش عنه؟ ومن حرسه؟ ومن حصده ومن نقله إلى الجرن؟ ومن داسه؟ ومن طحنه؟ ومن خبزه؟ ومن بالنار سواه؟ ومن إلينا حمله؟ ومن قدمه؟ ومن؟ ومن؟ ومن؟ ...
هناك أسئلة كثيرة. هذا الجهد في رغيف الخبز، فكيف بالأمر في خدمة دين الله) والتمكين له، في بناء النفوس، في صنع الرجال، في كشف الظلم وإنارة البصائر، إنه يحتاج إلى تظافر طاقات وقدرات، مع صبر ومصابرة وثبات، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(التوبة:٧١)، فهيا إلى التلاحم وهيا إلى التعاون وهيا إلى التآزر.
فالنصر لم ينزل على متخاذل ... والرزق لم يبعث إلى متواكل
ولنترك اللوم والتوبيخ، فاللوم لا يحرك ولا يجمع، والتفتيش عن الثغرات التي يدخل منها الداء أولى. وعند كل من الهموم ما يكفيه، وليس بحاجة إلى معكر إضافي، فليحول كل منا أخاه إلى داعية معه يحمل هم الدعوة، ويتبنى أفكارها، وحاله يهتف ويقول:
أمتي انتم في كل أرض ... أنتم خير الأمم
فأجمعوا أشتات أنها ... ركم في غمر يم
تنشروا الخير الأعم ... تبلغوا العز الأشم
وتكونوا سادة الدنيا... ... وفرسان القمم
وما ذلك على الله بعزيز.
* * * * *
[الإشارة السادسة: إنما السيل إجتماع النقط]
بمعنى دوام ولو على القليل، قليل دائم خير من كثير منقطع، والديمومة والاستمرار في العطاء تجعل العمل وإن كان ضئيلا أصيلاً مستطاعا مذللاً يقام به في عير ما عناء، ليس المهم قدر العمل بل الاستمرار في أدائه، فالقطرة الدائمة تصبح سيلاً عظيماً.