للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما ترى الحبل بطول المدى ... على صليب الصخر قد أثر

والشيء بثمرته يقدر ثمنه، ويعرف ثمنه، ومن ثمرات المداومة ما يلي:

نيل محبة الله:

أولاً: نيل محبة الله التي هي غاية منى المؤمنين الذين هم أشد حبا لله، ومن أين أخذت هذا؟ من الحديث القدسي الذي رواه البخاري:

((وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه) يستمر ويداوم حتى يحبه الله فإذا حصلت محبة الله فالنتيجة: ((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولإن استعاذني لأعيذنه)).

وفوق هذا مارواه الشيخان: ((إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السما، ثم يوضع له القبول في الأرض)).

أهيب بقومي إلى المكرمات ... ألا هل ملب ألا هل مجيب

ترويض النفس:

ثانيا: ترويض النفس على مكابد الهوى حتى تعتاد الخير، فالنفس من طبعها حب التفلت والانطلاق، ولكلنها إذا روضت ذلت، واستجابت إلى ما تكره، فتمزق حجب البطالة، وتقفز على أسوار المكاره، وتستمر على ما روضت عليه، وتداوم دون كلل ولا ملل حتى وإن استغرقت هذه المداومة العمر كله، يقول أحد السلف: عالجت لساني عشرين سنة قبل أن يستقيم لي، ويقول عالجت الصمت عما لا يعنيني عشرين سنة قبل أن أقدر منه على ما أريد. وجاء عن التابعي الجليل إبن المنكدر رحمه الله: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت لي.

وما يردع النفس اللجوج عن الهوى ... من الناس إلا حازم الرأي كامله

وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن أطمعت تاقت وإلا تسلت