ومن قبل هؤلاء: امرأة فرعون آسية التي آمنت في وسط بيت من يقول: {أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى}[النازعات:٢٤] لم يصدها جبروته، ولم يصدها قوته، ولم يصدها طغيانه.
لما تبين إسلامها طلب فرعون منها أن ترجع عن دينها، فأَبَتْ وأنَّى لمسلم يعرف هذا الدين ثم يعود عنه وينكص على أعقابه؛ فماذا كان منه؟
أوْتدَ رجليها، وأوْتدَ يديها بأربعة أوتاد، ثم ربطها وألقاها في الشمس، ومنع عنها الطعام والشراب، وضربها ضرباً مبرحاً، وآذاها ووكَّل من يؤذيها، فقالت؛ ماذا قالت؟ وإلى من لجأت؟ لجأت إلى فاطر السماوات والأرض:{رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[التحريم:١١] روي أنها لما قالت ذلك رُفعت دونها الحُجُبُ حتى رأت بيتها في الجنة من دُرة بيضاء مُجوَّفة، فضحكت وهي تُعذَّب حتى قالوا: هذه مجنونة، تُعذَّب وتضحك؟!
يقول الضحَّاك:[[فأمر فرعون بعد ذلك بحجر يُلقى عليها، وهي في أوتادها؛ فما وصل الحجر إليها حتى أخذ الله روحها قبل ذلك، فصارت مثلاً للذين آمنوا]].
أرأيتم -يا أيها الأحبة ويا أيتها الأخوات- كيف تكون المؤمنة متعلقة بالله عز وجل فيحفظها سبحانه وبحمده؟