للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حث القرآن على الإنفاق في سبيل الله]

يا أمة القرآن: إن مما دعاكم له القرآن: أن تُنفقوا في سبيل الله مما رزقكم وجعلكم مستخلفين فيه، وأنتم في شهر الإنفاق، وفي شهر الصدقة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {أفضل الصدقة صدقة في رمضان}.

فيا أخي الصائم: للصدقة في رمضان مزية وخصوصية ليست في غيره، فبادر إليها فلعلك لا تدرك رمضان آخر، أطعم الطعام لتكن ممن امتدحهم القرآن: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} [الإنسان:٨].

واسمع إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم يقول: {أيما عبد مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم}.

فلا إله إلا الله ما أعظم الأجر! وما أيسر العمل على من يسره الله عليه! ويقول صلى الله عليه وسلم: {ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أمامه فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة} ويقول صلى الله عليه وسلم: {من فطَّر صائماً كان له مثل أجره لا ينقص من أجره شيء، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة} لا إله إلا الله! هبت رياح الجنة في رمضان فاغتنموها يا عباد الله!

ألا لا يخرج أحد من بيت الله هذا إلاَّ وقد فَطَّرَ -في أقل القليل- عشرة من الصوَّام أو أقل أو أكثر، وكل صائم بعشرة ريالات، والجزاء من أكرم الأكرمين، توضع هذه في صناديق موجودة على يمينك ويسارك وأنت خارج من هذا المسجد، وستقوم الهيئة بجمعها وإرسالها فوراً، فبادر أيها الصائم إلى الغنيمة الباردة، ضيوفك اليوم عشرة صائمين أو أقل أو أكثر، والأجر من أكرم الأكرمين، لك مثل أجرهم لا ينقص من أجرهم شيئاً، وكلٌ على قدر استطاعته.

الله أعطاك فابذل من عطاياه فالمال عارية والعمر رحال

ويا أهل الخير في هذا المسجد وكلكم أهل خير: أطفال أيتام توجد استماراتهم في مكاتب الهيئة هنا، كفالة الواحد منهم في العام ألف ومائتا ريال ينتظرون من يكفلهم، بادروا إلى كفالتهم، ولكم الجنة من أكرم الأكرمين، والضمين رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: {أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة} ألا لا يأتين أحدكم يوم القيامة وخصمه أحد هؤلاء يقول: يا رب! عُرِضت عليهم في يوم كذا في مسجد كذا، فتركوني فخذ لي بحقي منهم.

عباد الله: اقرءوا القرآن وتصدقوا قبل ألا تتصدقوا، وكل يوم جمعة في رمضان سيكون لفقراء المسلمين معكم لقاء، لقاء ضيافة والجزاء من أكرم الأكرمين، فاحتسبوا الأجر والثواب ممن يرزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطاناً، أطعمكم الله من ثمار الجنة وسقاكم من الرحيق المختوم.

ألا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أُمِرتم بالصلاة عليه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، اللهم شَفِّع فينا القرآن، اللهم ارفعنا بالقرآن، اللهم أحينا على الإسلام والإيمان والقرآن وتوفنا على الإسلام والإيمان والقرآن.

اللهم اجعلنا ممن يأخذ بيده القرآن إلى رضوانك والجنة، ونعوذ بك أن يكون القرآن خصماً علينا يوم الوقوف بين يديك.

اللهم اجعلنا ممن يقيم حدوده ويعمل بأوامره ويتلوه على الوجه الذي يرضيك عنا.

اللهم اجعلنا لكتابك من التالين ولك به من العاملين، وإلى لذيذ خطابه مستمعين، وبما فيه من الحكم معتبرين.

اللهم انفعنا بما فرجت به من الآيات وكفر عنا به السيئات، وارفع لنا به الدرجات، وهون علينا به السكرات عند الممات.

اللهم وأوجب لنا به الشرف والمزيد وألحقنا بكل بر سعيد ووفقنا جميعاً للعمل الصالح الرشيد.

اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك، بنو إمائك نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب غمومنا وهمومنا.

وسابِقَنَا ودليلنا إليك وإلى جنانك جنات النعيم، اللهم ألبسنا به الحلل وأَسْكِنَّا به الظلل وادفع به عنا النقم واجعلنا به عند الجزاء من الفائزين وعند النعماء من الشاكرين، وعند البلاء من الصابرين ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين فشغلته بالدنيا عن الدين فأصبح من الخاسرين وفى الآخرة من النادمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم واجعلنا من المنفقين المبتغين جنة عدن بحورها العين.

اللهم تقَّبل منا صيامنا وقيامنا وسائر عملنا، اللهم لا تصرف هذا الجمع إلا بذنب مغفور، وعيب مستور وعمل مقبول، وتجارة لن تبور، اللهم لا ترُدَّ هذا الجمع خائبين، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم بما تصنعون.