صورة أخرى: أتمَّ عمر الشوط الكبير الذي بدأه أبو بكر، فأخذ يعدُّ العدَّة لفتح العراق وبلاد فارس بعد أن اطمأن على سلامة الجيش الإسلامي في بلاد الشام، وعرف أن الروم ارتدوا على أعقابهم بعد اليرموك.
والمسلمون في عهده من نصر إلى نصر.
رغب عمر أن يقود الجيوش بنفسه، وتَاقَت نفسه إلى الجهاد في سبيل الله، لكن جمهرة المسلمين أشاروا عليه بـ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه فوافقهم على ذلك، فكانت وقعة القادسية التي ظهرت فيها عزة المسلمين، وذل وهزيمة الكافرين، وقُتل عشرات الآلاف من عُبَّاد النار من المجوس، وأيَّد الله دينه ورفع كلمته، وهاب الكفرُ الإسلامَ، فانتشر الإسلام، وتقلَّص الظلام، وفُتِحت المدائن، وعُبِرت الأنهار بفضل الله الواحد القهار.
أكرمهم الله بأن يسيروا على الأنهار كما نسير على البيداء، وحاز المسلمون كنوز كسرى وقيصر، ولبس سراقة سواري كسري، وتحققت نبوءة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في ذلك.
كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا
أرواحنا يا رب فوق أكُفِّنا نبغي ثوابك مَغْنَمًا وجوارا
ندعو جهارًا لا إله سوى الذي خلق الوجود وقدَّر الأقدارا
ومن القادسية إلى نهاوند.
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به نَظْمٌ من الشعر أو نثر من الخطب