[المسارعة في التوبة وطلب الخيرات]
خامساً: إذا فتح لأحدكم باب خير فليسرع إليه؛ فإنه لا يدري متى يغلق عنه ذلك الباب
إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل خافقة سكون
إن حياة بعض الأخيار لا تخلو من ذنوب تضخم أحياناً لحاجة في نفس، ولكني أقول للأخيار -ووالله ما أظن من حضر إلا أخياراً-: إن التوبة تعدل ذلك كله ولا ضير، فصاحب التوبة على كل حال في خير، وكل منصف يعلم أن الكثير من أبناء الأمة غثاء، غفلات وشهوات، شطط وفساد، وعدوان وعداوات، فيهم كل منخنقة وموقوذة ومتردية ونطيحة وما أكل السبع، فيهم من لوَّثه الربا، وأذهله الخمر.
والأخيار -وما أنتم إلا جزء من الأخيار- رغم كل شيء هم أهل المناقب والصدق والعفة، ولا ننزِّه أحداً، ولا نزكِّي أحداً؛ فكلنا ذوو خطأ.
من لم يلحظ هذا فهو عن ميزان العدل ناكب!
يليق بكم -يا أيها الأخيار- أن تثقوا بأنفسكم أنكم أمثل من على الساحة، وأنكم أهل للإصلاح، وأهل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أهل لأن تأخذوا الزمام، فلا تلتفتوا إلى وسوسة شيطان أو أكاذيب ملا، أو تخذيل مخذِّل، ولكن اعملوا، ومن أخطأ فليتب.
ووالله! ثم والله! ثم والله! لا يسعكم القعود، إبرأوا ممن إذا أقدمتم أحْجَم، وإذا أعربتم أعجم، ألحقوا العمل بالعمل؛ فالعمل يدفع إلى العمل، والحسنة تقود إلى الحسنة، والحركة تولِّد الحركة، والطاعة تجلب الطاعة، وليكن لسان حال الواحد منا:
أغارُ عَلَى أمَّتِي أنْ تَتِيهَ بِهَوْجِ العَوَاصِفِ فِي العيلَمِ
وتقْعُدُ صَمَّاءَ مَضْرُورَةً وتطربُها لغةُ الأَبكَمِ
وتَشْغَلُهَا سَفْسفَاتُِ الأمورِ عن الفَرض والواجبِ الأقدَمِ
وتدْفِنَ آمَالَهَا بالضُّحَى وتُمسِي وتُصْبِحُ فِي مَأْتَمِ
تُناشِدُ أبْنَاءَهَا عروةً مِنَ الدِّينِ والحَقِّ لَمْ تُفْصَمِ
وتَرْجُو لِعِلاتِها مَرْهَماً وَلَيْسَ سِوَى الدِّينِ مِنْ مَرْهَمِ
أخِي لا تَلِنْ فالأُلى قُدوة لِمِثْلِي ومِثْلِكَ في المَأزَمِ
لهم قدرهم باعتبارِ الرِّجالِ وسُمْعَتُهُم فِي ذُرَا الأْنجُمِ
تقَدَّمْ فَأنْتَ الأَبِيُّ الشُّجَاعُ ولا تتهَيَّبْ وَلا تُحْجمِ
علَيْكَ بِهَدْي الرَّسُولِ الكَرِيمِ ومنهاجِ قرآنك المُحْكَمِ
تحرَّكْ فَأَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ ولو أثَّرَ القيدُ فِي المِعْصِمِ
فلا تَتَنَازَلْ ولا تَنْحَرِفْ ولا تتشاءَمْ ولا تَسْأَمِ
ولا تكُ مِنْ معشرٍ تافهٍ يَقِيسُ السَّعَادَةَ بالدِّرْهَمِ
يعيشُ وليسَ لهُ غايةٌ سِوَى مشرب وسوى مطعم