فمن هذه الحسرات -أجاركم الله من الحسرات-: الحسرة على أعمال صالحة شابتها الشوائب، وكدَّرتها مبطلات الأعمال من رياء وعُجْب ومِنَّة؛ فضاعت وصارت هباءً منثوراً في وقتٍ الإنسان فيه أشد ما يكون إلى حسنة واحدة:{وَبَدا لَهُم مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ * وَبَدَا لَهُمْ سَيئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}[الزمر:٤٧ - ٤٨].
فكيف تقيك من برد خيامٌ إذا كانت ممزقة الرواق
الفضل عند الله ليس بصورة الـ أعمال بل بحقائق الإيمان
القصد وجه الله بالـ أقوال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العبد من حسراته ويصير حقاً عابد الرحمن
الحسرة على التفريط في طاعة الله، وتصرُّم العمر القصير في اللهث وراء الدنيا حلالها وحرامها، والاغترار بزيفها مع نسيان الآخرة وأهوالها:{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[الزمر:٥٦ - ٥٩]
واضيعة العمر لا الماضي انتفعت به ولا حصلت على علم من الباقي
بلى علمت وقد أيقنت وا أسفا أني لكل الذي قدمته لاقي