صعد المنبر ليلقي أول خطاب على الأمة، فجالت في نفس الصديق خواطر، وجرت على ذهنه أمور، ذكره المنبر بصاحب المنبر صلى الله عليه وسلم، تذكر حبيبه وتذكر صاحبه وتذكر معلمه، فانصدع باكياً وكفكف دموعه، وأعلن مبدأه العظيم في كلماته القليلة، التي لا تحتاج إلى تعليق، وإنما جدير بكل من ولي من أمر المسلمين شيئاً، جدير بالمدرس في مدرسته، والموظف في وظيفته، والرجل في أهله، وكل من ولي من أمر الأمة قليلاً أو كثيراً أن يتأمل هذا الكلمات، كلمات الصديق التي يقول فيها كما في تاريخ ابن كثير بإسناد صحيح:[[أيها الناس! إني وقد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، الضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم]] دستور عظيم