وهناك غادٍ آخر يغدو ليهلك نفسه؛ فيسلط لسانه على عباد الله؛ يغتابهم ويتهمهم، ناسياً قول الله عز وجل:{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات:١٢]، وقوله صلى الله عليه وسلم:{لما عرج بي مررت على أقوام لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يقعون في أعراض الناس ويأكلون لحومهم}.
المغتابون الذين همهم فلان وفلان، ونسوا عيوب أنفسهم ولو اشتغلوا بإصلاح أنفسهم لكان أحرى وأولى، يهدي حسناته إلى الناس.
الحسن البصري -عليه رحمة الله- سمع أن رجلاً اغتابه، فما كان منه إلا أن فتش في بيته عن هدية له، فما وجد سوى طبق من رُطَب، فأخذه وقال لخادمه: اذهب إليه، وقل له: سمع الحسن أنك أهديت إليه حسناتك فما وجد لك مكافأة إلا طبق التمر ولو عدت لعدنا، والله! لولا أني أخشى أن يُعْصَى الله لتمنيت ألاَّ يبقى أحد في الدنيا إلا اغتابني؛ لأنه يهدي إليّ حسناته وهو لا يشعر.
كثير من الناس يُصلون ويعملون الصالحات، وفى جلسة واحدة يمحقون ذاك العمل كله بالوقوع في عرض هذا، والوقوع في عرض هذا، فإياك واللسان:
احفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان
احفظ لسانك واحترز من لفظه فالمرء يسلم باللسان ويعطب
أما الآخر: فيغدو فيدافع عن أعراض المسلمين، ويرد عنهم في المجالس، وكلامه ذكر الله أو كلام مباح، فيرد الله -عز وجل- عن وجهه النار يوم القيامة.