فلا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها ومن أحسن الظن بنفسه فهو أجعل الناس بنفسه.
لا يبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه
فكن أخي مع الناس كالنحل يقع على أحسن الزهور والرياحين فيجتني منها ما يفيده ويخدم به غيره ولا يكن همك تتبع السقطات والعثرات والتغافل عن الحسنات.
صوب نظرك على عنصر الخير في الناس وتعامل معهم على أساسه تَّسعَدْ وتُسعد.
ولا تكن كالذباب يقع على القذر وينشره تَشق وتُشق.
إذا أنت لم تعصي الهوى قادك الهوى ... إلى بعض ما فيه عليك مقال
إذا رأيت الهوى في أمة حكماً ... فاحكم هنالك أن العقل قد ذهبا
* * * * *
[الإشارة الثامنة عشرة: من ذا الذي ترضى سجاياه كلها]
ما منا أحد إلا وله زلة وخطأ وسقطة ورأي قد يكون فيه كبوة، وزلة المسلم إما أن تعرف وتشاع وتذاع فيستمرؤها صاحبها وينسلخ عنه الحياء فيصعب عليه الرجوع، وإما أن تكون زلته حبيسة في صدره لا يعلمها إلا الله وحده فهذا رجوعه أسرع بإذن الله وأقرب، فلا يكن أحدنا عونا للشيطان على أخيه وليس الذئب يأكل لحم ذئب، ولا يجوز الباب إلا مؤمن عاقل يختار رضوان الله العلي القدير، إن العامل يتعرض لعثرات وقد يحصل منه هفوات ثم ينبري له من سلمه حرب وذلوله صعب يشيع ويذيع لا يقر له قرار ولا ينعم له بال كأنما يتقلب على حسك السعدان أو يتلوى على جمر الغضا ينحب وينبح ويلهث، ينكر جروحا ويثير أشجاناً يرفع عقيرته لا يعجبه أحد، ولا يرتاح لبروز أحد، إرضاءه لا يدرك، أطيش من ذباب.
لو وزنت أحلامه الخفافا ... على الميزان ما وزنت ذبابا
جليد بليد:
وما على الكلب أن يعتاده السعر ... ومن العجائب أن مثل لسانه لم يبتر
فمطالب بإعادة ومطالب ... بزيادة ومهلل ومصفق
كالكلب إن جاع لم يمنعك بصبصة ... وإن ينل شبعاً ينبحك من أشر
فيا عجبا من زائر وهو ثعلب ... يخال سكوت الليث وهنا فيعتدي