[نصر الله متعلق بمن ينصر دينه]
من استنصر بالله نصره الله، بل يمده الله بالملائكة، بل يمده بكل شيء وينصره: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال:١٢].
جاء أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: {كنت في الجهاد فسمعت هاتفاً يقول: اقدم حيزوم اقدم حيزوم، ما حيزوم يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هذا ملكٌ من ملائكة السماء الثالثة جاء ليقاتل معكم}.
أمتنا مددها من الله؛ يمدها بالملائكة، يمدها بالريح، بقذف الرعب في قلوب أعدائها، أفتستغيث بغيره وتتعلق بغيره، ثم ترجو النجاة.
عباد الله! في يوم الأحزاب أحدق الأعداء بمحمد صلى الله عليه وسلم وجنده {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب:١٠] وهم في خضم بلواهم واختبارهم إذ بمحمد صلى الله عليه وسلم يحن لهم، ويرق عليهم يوم يرى حال الصحابة وما بهم من جوع وبرد وقلة عدد، يعملون ثلاثة أيام لم يذوقوا شيئاً، يكشف أحدهم عن بطنه، وقد ربط عليه حجراً من شدة الجوع، ويرى النبي صلى الله عليه وسلم ما بهم من الجهد، فيسليهم بنفسه صلى الله عليه وسلم، يكشف عن بطنه صلى الله عليه وسلم، وقد ربط عليه حجران وهو يقول: {اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة} ويجيب الجائعون في بطونهم، الشبعانون بإيمانهم بالله، فيقولون:
نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً
لا إله إلا الله! أين نحن من هذه المفاهيم في عقيدتنا وشريعتنا الآن؟!
إن حياتنا لا بد أن تربط بالآخرة لا بالدنيا، كم نربي أبناءنا على أمل نيل الشهادات وضمان المستقبل ولقمة العيش، وإذا فاز أحد الشباب بشهادة، قالوا: أمن مستقبله.
إن مستقبل الأمة المسلمة حقاً هناك في الفردوس الأعلى، في جنة عرضها السماوات والأرض، لا في بيت، ولا وظيفة، ولا شهادة، بل في جنة:
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها
فاعمل لدارٍ غداً رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن بانيها
وآأسفاه على أمة الإسلام! إذا انتصرت في الرياضة قالت: بتمسكنا بعقيدتنا، ويتساءل الإنسان بمرارة أي عقيدة تكون في اللهو والطرب والضياع؟!
ثم نأسى ونتحسر ونأسف على شبابنا، وعلى ضياعهم، لا نملك إلا أن نقول:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء