إنَّه ليس أنفع في جلاء القلوب واطمئنانها من ذكر الله ومناجاته، وليس هناك مَن هو أولى بملازمة ذِكر الله من الداعية إلى الله، وكلنا ذاك الرجل؛ الذي جعل مِحوَر حياته خدمة لدين الله، فهو أحرى بأن يذكر الله قائماً، وقاعداً، وعلى جَنب، وفي كل حين وآن، فذكر الله يُرَقّق المشاعر، ويُوقظ القلوب والضمائر، ويُرهِف الإحساس، ويشرح الصدور، ويسمو بالنفوس ويزكيها، ويترفع بها عن شهواتها، ويملك جِمَاحها، ويرفع الدرجات، ويكفِّر السيئات -ومع ذا- خفيف على اللسان، ثقيل في الميزان، حبيب إلى الرحمن.
فمن الخطورة العظيمة- أيها الأحبة- أن نتحول إلى مُنظِّرِين مُخطِّطِين، ثم لا نكون الربانيِّين العابدين الأوَّابين المُفردين، الذاكرين الله كثيراً، المخبتين، فنصبح محرومين، أعوذ بالله رب العالمين.
المحروم من نعمة ملازمة ذِكر الله محروم من الإحساس المرهَف، والضمير اليقظ الحي، حياته جمود وعَطالة وبطالة وانحطاط، أنَّى له أن يصل إلى وجهته؟!