وفي الشدة تنقل لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أيضاً -كما ثبت في البخاري - أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:{هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بـ قرن الثعالب} يالله! يعيش قضيته بكل أحاسيسه ومشاعره، هَمٌّ بلغ برسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يشعر بنفسه من الطائف إلى السيل الكبير.
فيم كان يفكر؟
ترى فيم استغرق هذا الاستغراق الطويل؟
لعله كان يُفِّكر في أمر دعوته التي مضى عليها عشر سنين ولم يستطع نشر الإسلام بالحجم الذي كان يتمنى، لعله كان يُفكِّر كيف سيدخل مكة؟ فهو بين عدّويْن: عدو خَلَّفه وراء ظهره أساء إليه ولم يقبل دعوته، وعدوٌ أمامه ينتظره ليوقع به الأذى، يقول صلى الله عليه وسلم:{فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل -لطف الله ورحمة الله لمن يتعرفون عليه في الرخاء- فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال: فسلم عليّ، ثم قال: يامحمد! ذلك فيما شئت، إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين}.
الله ينصر من يقوم بنصره والله يخذل ناصر الشيطان
كان صلى الله عليه وسلم رحيماً بقومه، فما أرسل إلا رحمة للعالمين.
الأمل في هدايتهم يفوق في إحساسه الشعور في الرغبة بالانتقام من أعدائه، والتشفي من قومه الذين أوقعوا به صنوف الأذى، فقال صلى الله عليه وسلم لملك الجبال:{كلا.
بل أرجو أن يُخْرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً} وكان ما رجاه وأمَّلَه؛ بذرة طيبة في أرض خصبة لم تلبث أن صارت شجرة مُورِقَة.
يبني الرجال وغيره يبني القُرى شتان بين قرى وبين رجال