يتوجَّه صلى الله عليه وسلم ويمر بديار ثَمُود، وما أدراكم ما تلك الديار؟!
ديار غضب الله على أهلها، فتلك بيوتهم خاوية، وآبارهم معطَّلة، وأشجارهم مقطَّعة، فيدخلها وقد غطَّى وجهه وهويبكي، ويقول لجيشه:{لا تدخلوها إلا باكين أو مُتباكين لئلا يصيبكم ما أصابهم}.
يا لله!! هذه أرض سكنها الظَلَمَة، فقولوا لي بالله في من يجالس الظَلَمَة، ويؤيد الظَلَمَة، ويركَن إلى الظَلَمَة، ويكون لهم أنيساً ولساناً وصاحباً؛ كيف يكون حاله؟! ألا يخاف أن يغضب الله عليه؛ فيأخذه أخذ عزيز مقتدر {وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}[هود:١١٣].
ويستسقي الناس من بئر في ديار ثَمُود فيقول صلى الله عليه وسلم:{لا تشربوا من مائها، ولا تتوضئوا منه للصلاة، وما عَجَنتم من عجين بمائها فاعْلِفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئاً} ففعلوا امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومع الغروب يُعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها سوف تَهُبُّ رياح شديدة، فلا يخرج أحد من مُخَيَّمِه إلا مع صاحب له حتى تهدأ الريح، وخالف أمره رَجُلان من المسلمين، لضَعف في إيمانهم، خرج أحدهم ليقضي حاجته فخَنَقَتْه الجِنُّ عند حاجته، وخرج الآخر في طلب بَعِير له، فاحْتَمَلته الريح حتى طرحته في جبال طيء، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي أُصيب بخَنْق الجِنِّ، فَشُفِي، فكانت هذه آية من آيات نبوَّته صلى الله عليه وسلم وأمَّا الآخر: فسُلِّم للنبي صلى الله عليه وسلم عند عودته إلى المدينة.