[منزلة الكلمة الطيبة]
الحمد لله الواحد الأحد، تعالى عن الشريك والصاحبة والولد، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صُمّاً، وقلوباً غُلفاً.
اللهم اجزِه عنا أفضل ما جزيت نبياً عن أمته، وأَعْلِ على جميع الدرجات درجته، واحشرنا تحت لوائه وزمرته، وأوردنا حوضه في الآخرة.
اللهم لا تجعل لقلوبنا -الآن- حوضاً تَرِدُه إلا كتابك وسُنة نبيك صلى الله عليه وسلم أفضل صلاة وأتم سلام وأكمله وأعلاه.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم وبغض إلى قلوبنا البدعة والمبتدعين، وأرنا الحق حقاً، والباطل باطلاً، ووفقنا لاتباع الحق والعمل به، والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، ابتغاء وجهك وطلباً لمرضاتك: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [آل عمران:١٩٣ - ١٩٤].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته:
وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم! أن يجمعنا وإياكم على الإيمان والذكر والقرآن، وأن يجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله ثم يجمعنا أخرى سرمدية أبدية في دار:
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
أحبتي في الله: لقاؤنا الليلة يتجدد مع الجزء الثاني من محاضرة: هكذا علمتني الحياة.
لكم غُنْم هذه المحاضرة، وعليَّ غُرْمها، لكم صفْوُها، وعلي كدرُها، هذه بضاعتي -وإن كنت قليل البضاعة- تُعرض عليكم، وهذه بنات أفكاري تُزفُّ إليكم؛ فإن صادفت قبولاً فإمساك بمعروف، وإن لم يكن فتسريح بإحسان، والله المستعان.
ما كان من صواب فمن الله الواحد المنَّان، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، والله بريء منه ورسوله -والله المستعان- وأنا العبد الفقير القليل الضعيف المهوان.
نُبَذٌ مما سنح لي من المعارف تحت ظل العقيدة، أسأل الله أن يجعلها لي ولكم ذخراً في يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار، وأسأله أن يجعلها من صالحات الأعمال وخالصات الآثار، وباقيات الحسنات إلى آخر الأعمار.
رباه رباه!
يظنُّ النَّاسُ بي خيراً وإنِّي لشرُّ النَّاسِ إنْ لم تعفُ عني
ومالي حيلةٌ إلا رجائي وعفوك إن عفوتَ وحُسْن ظَنِي
اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي مالا يعلمون.
وهكذا علمتني الحياة.
علمتني الحياة في ظل العقيدة: أنه لا خير ولا أفضل ولا أجمل ولا أحسن من كلمة طيبة: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم:٢٤ - ٢٥].
أُخيَّ إنَّ البرَ شيءٌ هينُ وجهٌ طليقٌ وكلامٌ لينُ