[سمو ماضينا وسماوة حاضرنا]
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخِرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المجاهدين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ناشري لواء الدين، وعلى من تبعهم من سلف هذه الأمة وخلَفها ممن جاهد وبذل ورافق ونافح في كل وقت وحين.
معشر الإخوة والأخوات والبنين: حياكم الله وأحياكم، وأطال أعماركم، وأحسن أعمالكم، وذخراً للأمة أعدَّكم، تُعْلُون صروحها، وتضمدون جروحها، وتداوون قرُوحها، وللمِلَّة تسْمُون في سماها، وتحمون حماها، وترمون من رماها.
تحية أنفاس الرياض وشى بها نسيمُ هدوء والنواضر هُجَّعُ
فجاءت كأن المسك خالط نفحها لها في أنوف الناشقين تَضُوُّعُ
السماء والسماوة: رمزان لا خفاء.
أيها السُّماة للسماء: السماء رمز الرفعة والسمو والعلاء، والسماوة رمز الشُّقَّة والسَّموم والهلكة والتيه والبيداء، على حد قول ابن الصحراء:
وجشمها بطن السماوة قائظاً وقد أوقدت نار السموم الهواجر
فضرباً معي الليلة في بيداء السماوة بحثاً عن مراقي الشمم والإباء، وكشفاً عن أسرار ومعارج ومدارج السمو للسماء، بعون الله رب الأرض والسماء.
بيد أنه قد يطول الحديث ذلك أن المريض الذي يئن يأرِزُ إلى تسلية نفسه بالحديث، والطبيب مهما كان بارعاً فإن وصفه علمي، والمريض أدرى منه بمرضه وألََمِه، فلعلي أن أقف بكم على الأسباب، وأرتقي السحاب، وأصفي الحساب، وأميز القشر عن اللباب، بدليل الكتاب، وفعل النبي والأصحاب، وذوي الألباب.
فإن وفَيت فحق ذاك في عنقي وإن أقصِّر لأنتم أهل إعذار
وشتان بين السماوة والسما!
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلاً.