للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة خيثمة بن الحارث وابنه]

أما أبناء سلفنا فكيف كانوا؟ -سأضع لكم نموذجاً، كيف كان السلف يربون أبناءهم؟ وكيف كانوا يتعاملون معهم؟ وكيف تربوا فأصبح الطفل منهم كالرجل منا، بل كالعابد الزاهد منا.

هاهو خيثمة بن الحارث -عليه رضوان الله ورحمته- ما كان منه يوم أن دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للنُفرة إلى غزوة بدر إلا أن جاء إلى ابن له اسمه سعد -ابن صغير- وكان معه من النساء الكثير، ومعه من البنات والأخوات يعولهن هذا الرجل الكبير خيثمة بن الحارث فقال لابنه سعد: يا بني! تعلم نساءنا، وليس لهن من يحميهن، وأريد أن تبقى معهن وأذهب لأجاهد في سبيل الله جل وعلا، قال: [[يا أبتاه! للنساء رب يحميهن، والله ما تطمع نفسي في هذه الدنيا بشيء دونك، لكنها الجنة يا أبتاه، والله لو كان غير الجنة لآثرتك به]].

وانطلق يجاهد في سبيل الله، وجلس الأب الكبير مع هؤلاء النساء، وقُتِل هذا الطفل شهيداً -بإذن الله- في سبيل الله، ويوم جاء الخبر أباه في اليوم الثاني قالوا له: لقد قتل ونحتسبه شهيداً عند الله -جل وعلا- فما كان منه إلا أن قال: [[أواه أواه، والله لقد فاز بها دوني، والله لقد كان أعقل مني، لقد رأيته البارحة يسرح ويمرح في أنهار الجنة وثمارها وأزهارها، ويقول: يا أبتاه! الْحَقْ بنا، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً]].

إن مع الظلام الذي نراه الآن، فهناك بشائر -ولله الحمد- والباب مفتوح يا أيها الأحبة! ولن يُغلق إلا عند طلوع الشمس من مغربها أو غرغرة الروح في الحلقوم.