دخل صلى الله عليه وسلم يستشير بعض أقاربه، استشار علياً رضي الله عنه قاضي قضاة الدنيا وهو منه بمنزلة هارون من موسى، فقال علي:[[يا رسول الله! لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسلها تصدقك فو الله ما عهدناها كاذبة]].
قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً فما اعتذارك من قول إذا قيل
ذهب صلى الله عليه وسلم بعده إلى أسامة، حبه وابن حبه، إلى المولى الذي رفعه الإسلام، فيعرض النبي صلى الله عليه وسلم الأمر وعُمْر أسامة أربع عشرة سنة، فيقول أسامة -وهو يعرف من هي عائشة رضي الله عنها-: [[يا رسول الله! أهلك أهلك، والله ما نعلم عنهم إلا خيراً، والله إنها صوامة قوامة بارة رشيدة، فاسأل جاريتها يا رسول الله!]]
فيذهب صلى الله عليه وسلم إلى الجارية التي معها في البيت واسمها بريرة، فتقول:[[والله يا رسول الله ما علمت عن عائشة إلا خيراً، أحمي سمعي وبصري، إنها صوامة قوامة، والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمراً أعيبه أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله]] والداجن هي الشاة التي تربى في البيت.
قام صلى الله عليه وسلم على المنبر، وشكى إلى الناس ما لقيه من المنافقين في عرضه، ما لقيه من اتهامات جريئة في دعوته، شكي من عبد الله بن أبي رأس الضلالة، وعمود الجهالة، المريد التدمير لهذا الدين، فكان مما قاله صلى الله عليه وسلم:{ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت منهم إلا خيراً} فقام الأوس والخزرج فكادوا يقتتلون على اختلاف بينهم في المسجد دفاعاً عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
هدأ صلى الله عليه وسلم الأوضاع، وعاد إلى عائشة في بيت أبيها ليجلس معها مجلس التحقيق والمحاكمة، إما أن تعترف وتتوب إلى الله، وإما أن تتبرأ من هذا، وإما أن يعلن الله توبتها من فوق سبع سماوات.
جلس صلى الله عليه وسلم قالت عائشة: وما جلس بعدها إلا ذاك المجلس، وجاء الفرج من مفرج الكروب ومنفس الهموم، قالت: ومعي أبي وأمي ونساء يبكين معي يشاركنني مصيبتي.
فلابد من شكوى إلى ذي قرابة يواسيك أو يسليك أو يتوجع