وعمر الثاني عمر بن عبد العزيز وهو يلي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام، ويفيء الله على المسلمين فيئاً وهذا الفيء تفاح، فأراد أن يقسمه على الرعية، وبينما هو يقسم هذا التفاح إذ امتدت يد صبي من صبيانه -طفل صغير- فأخذ تفاحة ووضعها في فمه، فما كان من عمر إلا أن أمسك بفيه وأوجع فكيه، واستخرج التفاحة من فمه وردها بين التفاح، والطفل يبكي -ابن عمر يبكي- ويخرج ويذهب إلى أمه يذكر لها الحادثة.
فترسل غلاماً من البيت ليشتري لهم تفاحاً وعمر بن عبد العزيز يقسم الفيء على المسلمين وينسى نفسه فلم يأخذ تفاحة واحدة، ويذهب إلى البيت فيشم رائحة التفاح في بيته، فيقول:[[من أين لكم هذا ووالله ما جئتكم بتفاحة واحدة؟]] فأخبرته الخبر، قالت: جاء ابنك يبكي، فأرسلت الغلام وجاء له بهذا التفاح، قال:[[يا فاطمة! والله لقد انتزعت التفاحة من فمه وكأنما أنتزعها من قلبي، لكني والله كرهت أن أضيع نفسي بتفاحة من فيْء المسلمين يأكلها قبل أن يقسم الفيء]].
هكذا تكون مراقبة الله جل وعلا، وهكذا تكون تقوى الله جل وعلا، وبها النجاة:{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُون}[الزمر:٦١].
ما راقب عبد ربه إلا أفلح وفاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع، ما راقب عبد ربه فزلت به قدمه فأخطأ، فارتكب فاحشة إلا عاد نادماً حسيراً كسيراً؛ فيتقبله ربه وهو أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين بمنه وكرمه.