للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عمر ونيل مصر]

صورة أخرى: أورد ابن كثير في تاريخه عن قيس بن الحجاج قال: [[لما فُتِحَت مصر أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل (بؤنة) -شهر من أشهر العجم- فقالوا له: أيها الأمير! إن لنيلنا هذا سُنَّةٌ لا يجري إلا بها، فقال لهم: وما ذاك؟ فقالوا: إذا كانت ثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر، عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أباها، وحملنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في النيل.

فقال لهم عمرو -رضي الله عنه-: إن هذا لا يكون في الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله، ومنعهم فأقاموا ثلاثة أشهر والنيل لا يجري منه قليل ولا كثير؛ فتنة وابتلاء من الله حتى هموا بالجلاء عن مصر، فلما رأى عمرو بن العاص ذلك الأمر وما حل بهم، كتب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بذلك، فكتب إليه عمر: لقد أصبت بالذي فعلت، والإسلام يهدم ما قبله، ثم كتب بطاقة داخل كتابه، وقال لـ عمرو: إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل كتابي فألقها في النيل إذا أتاك الكتاب.

فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو أخذ البطاقة فإذا فيها: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد: فإن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأله أن يجريك.

فألقى عمرو البطاقة في النيل، وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها؛ لأنها لا تقوم مصلحتهم فيها إلا بالنيل، فلما ألقى البطاقة أصبحوا وقد أجراه الله ستة عشر ذراعًا في ليلة واحدة]] فقطع الله عادة السوء تلك عن أهل مصر إلى اليوم.

الله أكبر! من أطاع الله وصدق وأخلص مع الله طَوَّعَ الله له كل شيءٍ، طَوَّع له الجبال والأنهار والقلوب والأرواح وأتته الدنيا راغمة:

فتقوى الله خير الزاد ذخرًا وعند الله للأتقى مزيدُ