نريد مضاعفة الجهد وتكثيف العطاء، ونريد ترجمة الكلام إلى عمل.
نريد أن نتحرر من تلك الآفة التي غدت ظاهرة عامة بين المسلمين، تعوق خطانا عن السير؛ ألا وهي كثرة النواح وقلة العمل.
والنواح لا يحيي ما مات، ولا يرد ما فات.
آفتنا كثرة الشاكين المتوجعين، وقلة المداوين، كثرة من يسبون الظلام، وقلة من يوقدون الشموع.
نعم يا قاصد البحر: كثرت الشكوى من الأدواء والمآسي، ولعلك ترى ذلك وتلمسه، لم يعد هناك أحد إلا ويشكو، فمن المشكو منه إذن؟! كلنا شاكٍ ومشكو منه.
ذكر صاحب أين الخلل ما نصه: حّدثوا أن واعظاً بليغاً وعظ الناس يوماً حتى بكوا من تأثير الموعظة، وكان معه كتاب، ثم بحث عن كتابه بعد الموعظة، فوجده قد سُرق، نظر إلى الحاضرين، عله أن يلمح بينهم وجهاً تلوح عليه آثار الجريمة، لكنه وجد الجميع متأثرين يبكون، فقال لهم: كلكم يبكي فعلاً فمن سرق الكتاب؟!
نعم.
كلنا نشكو، فمن المشكو منه؟!
إن علينا أن ننتقل من دائرة الشكوى إلى دائرة العمل المتواصل الدءوب، العمل للحاضر والمستقبل، وإن لم نشكُ فلا نريد أن نكون من المتفرجين، وممن ينتظر العمل من الآخرين.
بل يعمل الجميع، وكلٌ على قدر جهده وطاقته.
وعوداً على بدء؛ للرجل دوره، وللمرأة دورها، وللصبي والكبير والغني والفقير دوره، المهم أن يعمل الجميع، وأن يضع كلٌ منا نفسه في المكان الملائم، من استطاع أن يُميط شوكة عن طريق فليُمطها، ومن أمكنه أن يبذر حبة في الأرض فليبذرها.