[التأسي والاقتداء بأعلام الأمة]
هذه صور موجزة من أحداث حياة علمين جليلين من أعلام هذه الأمة هي غيضٌ من فيض وقطر من بحر، والصور ذات العبر من حياتهما والله الذي لا إله إلا هو لا يمكن إدراكها في مثل هذه العجالة من الزمان، ولا يستطيع والله لتنفيذها من البيان، لأنا أقل وأذل من أن أقف على كل صورة لهذين العلمين.
لكني أقول: ما هي المناهج التي خرجت مثل هذه النماذج؟
وما هي الثقافة التي نهلوا منها؟
وما هي التربية والتوجيه الذي جعلهم يقومون بهذا الدور؟
إن المناهج التعليمية والتربوية والثقافية التي خرجت هؤلاء لا زالت بين أيدينا، وتحت أسماعنا وأبصارنا، ما أجدرنا نحن المسلمين رجالاً ونساء شيباً وشباباً أن نقف على هذه المناهج وقفة الضنين على الثروة الرائعة، والظمآن على الماء البارد، لنعد وننهل ونقذف ونتذكر ونذكر.
ما أجدرنا أن نقف على صور هؤلاء العظماء لنتخذها نبراساً نسير على ضوئه بتربية أنفسنا وأبنائنا، وتنشئة جيل مؤمن بالله ورسوله، ويؤمن بصلاحية هذا الدين وهذا المنهج لكل زمان ومكان، جيل يضحي بكل شيء في سبيل سيادة دينه، لا يثنيه عن هذه الغاية الشريفة بلاء ولا إيذاء ولا طمع ولا إغراء، لسنا نريد الوقوف على هذه الصور لتكون حصيلة علمية نتشدق بها في المحافل والنوادي، ونتفيهق بها في المساجد لنحظى بالثناء وننتزع من السامعين مظاهر الإعجاب.
لا والله: إننا نريد أن تكون هذه الأحداث الصادقة من تاريخنا مدرسة نتخرج منها كما تخرج أولئك السادة الأولون، لنكون مثلاً صادقة لهم في إيمانهم وعلمهم وعملهم وأخلاقهم وسلوكهم وقياداتهم حتى يعتز بنا الإسلام كما اعتز بهم، وما ذلك على الله بعزيز.
وإنا لنرجو الله حتى كأنما نرى بجميل الظن ما الله صانع
والخير في هذه الأمة أولها وآخرها.
اللهم يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، يا من دبر الظهور، وقدر الأمور، وعلم هواجس الصدور، يا من عز فارتفع وذل كل شيء له فخضع، وجهك أكرم الوجوه، وجاهك أعظم الجاه، وعطيتك أعظم العطية، تجيب المضطر وتكشف الضر وتغفر الذنب وتقبل التوب لا إله إلا أنت، يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا عظيم المن، يا كريم الصفح، يا سامع كل نجوى، يا منتهى كل شكوى، يا رافع كل بلوى، يا من عليه يتوكل المتوكلون، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، نسألك أن ترحم هذه الأمة رحمة عامة، تعز فيها أولياءك وتذل أعداءك، وتجعل كلمتك العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك، والتقت على طاعتك، وتوحدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك، اللهم أدم ودها واهدها واهدِ بها ويسر الهدى لها، اللهم ولِّ عليها خيارها.
اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ونعوذ بك اللهم أن نغتال من تحتنا.
اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك، وهب لنا غنىً لا يطغينا، وصحة لا تلهينا، وأغننا اللهم عمن أغنيته عنا، واجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله.
صورة تظهر فهل لها من معتبر يهدى بها من حيرة الخذلان
لم آت فيها من جديد محدث غير اختيار اللفظ يا إخواني
فإذا أسأت فذاك من كسبي وإن أحسنت ذا فضل من المنان
يا رب لا تجعل جزائي سمعة تسري على البلدان والأكوان
أهدي صلاتي والسلام جميعه لأحب خلق الله في الأكوان
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.