[وقاية المجتمع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
لتجتمع كلمة المسلمين، وليلتف الشباب حول العلماء وطلبة العلم، ولتُصْلَح المناهج والوسائل، ولننصح ولنأمر ولننه لا نخشى إلا الله، أطالبكم: من رأى منكراً في صحيفة، أو جهاز، فليكتب إلى المسئولين، لا نستكين ولا نلين، فكلٌ منا على ثغرة، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلك يا عبد الله! ثم لنهتم بالأسرة: {فكلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته {وما من راعٍ استرعاه الله رعية، فبات غاشاً لهم إلا حرم الله عليه رائحة الجنة} القائد مسئول، والأب مسئول، والكل مسئول، والأم مسئولة، والأم مسئوليتها تعظم وتعظم هذه الأيام، نريد أماً صادقة تضحي في سبيل دينها بكل شيء، لا في سبيل ما يريد أعداؤها منها من غزوٍ في أزيائها، وخروجٍ بها إلى الشوارع سافرة، وتضييعٍ لبناتها مع السائقين والخدم.
والأم مدرسةٌ إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ
والأم مدرسةٌ إذا أفسدتها أفسدت شعباً طيب الأعراقِ
نريد أماً قدوتها عائشة وحفصة وخديجة وزينب، ونعم القدوة هن، انتبهوا لنسائكم يا عباد الله! أصابهن الداء، والبعض منا لا يدري.
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ
تخلينا عن قيادتنا في بيوتنا، تركناها لآلات اللهو والخدم، وأصبح الأب يمارس بطل مسرحية الضياع في بيته، النار فيه تلتهب وهو جالس لا يحس
أين العقول؟ أما لديكم حكمةٌ؟ أين القلوب، أما تحس وتشعرُ؟
لابد من وقاية المجتمع، لابد من تطهيره إن أردنا العزة والمنعة والمجد، والإسلام عزيزٌ بدونكم، محفوظٌ بدونكم، واعلموا أنه باقٍ ما بقي الليل والنهار ومهما تطاولت الأيدي، ومهما كثر الأذناب والخونة والمجرمون والمنافقون الذين يملأ الجبن قلوبهم، لا يقاتلون مبارزة، بل يطعنون من الخلف، ويتقنعون بالإسلام والإسلام منهم براء، نحن نقول هذا: والله لا نخاف على الإسلام بقدر خوفنا عليكم -أيها المسلمون- أن يتزعزع إيمانكم ويصل اليأس إليكم فتتزلزل قلوبكم، أو يصيب الوهن عزائمكم، لأنكم ترون الخذلان يجتمع عليكم من كل صوب، وترون شراسة العدو وخيانة الصديق، لكن اعلموا أن الكفر كله تجمع يوم الأحزاب يريد القضاء على دين الله، فخاب وخسر {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} [الأحزاب:١٠ - ١١] وما ظن المؤمنون بالله إلا خيراً {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} [الأحزاب:٢٢] ماذا قالوا؟ {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} [الأحزاب:٢٢].
الله أكبر! انظر أخي المسلم وأنت تعيش الفتنة كيف إيمان هؤلاء؟ وكيف تعلقهم بالله؟ كيف كانت عاقبتهم يوم تجمع الأحزاب عليهم؟ {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب:٢٥] والذين ظاهروهم ماذا عمل فيهم؟ {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} [الأحزاب:٢٦ - ٢٧].
يا عباد الله: ألا لا يداخلنكم ريبٌ في ذلك ولا شك، فما ترونه اليوم من علو للباطل، فإنما هو سرابٌ خادع وابتلاءٌ من الله، والله أغير منا على دينه وهو حكيمٌ عليم غير غافلٍ عما يعمل الظالمون، لكن كل ذلك ليميز الخبيث من الطيب، وليبتلي ما في صدوركم، وليمحص ما في قلوبكم، ويمحق الكافرين، فالكفر ذليل مهما حاول كسب العزة: {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء:١٣٩].
نحن والله لا نقول هذا الكلام تيئيساً، فإننا والله نعلم أن العاقبة للمتقين، لكن حزننا اليوم على أنفسنا أن لم نكن أهلاً لحمل راية الله، ولا لحمل صفات المتقين.
حزننا على غفلتنا عن عقيدتنا وعن إخوةٍ لنا في كل مكان لا نسمع أنينهم ولا نواسيهم، حزننا وخشيتنا أن يستبدل الله قوماً غيرنا ثم لا يكونوا أمثالنا، حزننا أننا على اللهو عاكفون والسُّخف، وأعداؤنا يخططون ويدبرون ويمكرون، والله خير الماكرين.
أنا أقسمت بالذي برأ الكون من عدم
وكسا ثوب عزةٍ كل من بالهدى اعتصم
ورمى مدمن الضلال بسوطٍ من النقم
إن قنعنا بسُخطنا وركنا إلى النعم
فخطا الخصم ماضيات من القدس للحرم
عندها يندم الجميع ولا ينفع الندم
اللهم ارفع ما حل بالأمة المسلمة، اللهم ارفع ما حل بالأمة المسلمة، اللهم ارفع ما حل بها من انحطاط وذل وهوان، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم وأهلك الطغاة والمجرمين والمنافقين، وأرنا فيهم يوماً أسوداً كيوم فرعون وهامان وقارون، نجعلك اللهم في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام بسوءٍ، فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميره يا أكرم الأكرمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منا وما بطن، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيءٍ يا أرحم الراحمين.
اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.