علمتني الحياة في ظل العقيدة: أن صوت الحق لا يخمد أبداً إذ هو أبلج، والباطل زبد لجج.
الباطل ساعة والحق إلى قيام الساعة:
والحق يعلو والأباطل تسفل والحق عن أحكامه لا يسأل
وإذا استحالت حالة وتبدلت فالله عز وجل لا يتبدل
هاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف في صف لوحده في بداية دعوته والبشرية كلها ضده، تريد إطفاء النور الذي جاء به، ومع ذلك خسئوا:{وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ}[غافر:٢٥]{وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة:٣٢] ولو كره المنافقون ولو كره الفاسقون.
ويأتي صحابته من بعده صلى الله عليه وسلم فيصدعون بالحق لا يخشون في الله لومة لائم، ومن بعدهم وإلى اليوم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لا تزال هناك طائفة فيها خير عظيم قد أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
ولئلا نيئس ولئلا نقنط؛ نأت بهذه الحادثة: ها هو الشيخ عبد الحميد الجزائري رحمه الله كما ورد في تاريخ الجزائر: ورد أن المندوب الفرنسي أيام الاستعمار كان يقول بكل صراحة: جئنا لطمس معالم الإسلام، واستدعى الشيخ عبد الحميد وقال له: إما أن تقلع عن تلقين تلاميذك هذه الأفكار وإلا أرسلت الجنود لقفل المسجد وإخماد أصواتكم المنكرة.
فقال الشيخ بثبات المؤمن: إنك لن تستطيع.
فاستشاط غضباً وأرغى وأزبد.
وقال: كيف؟ قال: إن كنت في حفل عرس علمت المحتفلين، وإن كنت في اجتماع علمت المجتمعين، وإن ركبت سيارة علمت الراكبين، وإن ركبت قطاراً علمت المسافرين، وإن دخلت السجن أرشدت المسجونين، وإن قتلتموني ألهبتم مشاعر المسلمين، وخير لكم ثم خير لكم ثم خير لكم ألا تتعرضوا للأمة في دينها، فوالله! ما نقاتلكم إلا بهذا الدين، ووالله! ما نقاتلكم إلا لهذا الدين:
إذا الله أحيا أمة لن يردها إلى الموت جبار ولا متكبر