سبحان الله وبحمده، يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، فلا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك، امتثل أمر الله واجتنب نهي الله عز وجل، واستسلم واخضع وانقدْ لله عز وجل، ثم إن حصل منك تفريط فراجع نفسك وتب إلى ربك، واعلم أنه سبحانه يقول:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:٣١] هو القائل كما في الحديث القدسي: {يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم} هو القائل: {يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة}.
يا أيها الشاب! يا أيها الحبيب! إن أخطأت وزللت فاعلم أنك لم تخف عن عين الله وعن رقابة الله جل وعلا، هو الرقيب والحسيب، إذا استترت بالجدران والحيطان والظلام فاعلم أنه رب الظلام ورب كل شيء سبحانه وبحمده فارجع عن ذلك، إذا كنت في فراشك ثم جاءك النداء من الله "حيّ على الصلاة، حي على الفلاح" فأنت أحد شابين: إما مطيع لله ورسوله، وإما عاص لله ورسوله وحاشاك أن تكون كذلك، إن أطعت الله فقمت وذهبت وأديت ما عليك؛ كان لك عند الله ما أعده لك:{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:١٧] نحتاج إلى التقوى عندما نقوم إلى للصلاة، نحتاج إلى التقوى يوم نأخذ الريال لنذهب به إلى المدرسة، نعرف من أين أخذنا هذا الريال وأين سننفقه، لا ينفق إلا في طاعة لله عز وجل؛ لأن هذا الريال ستقف أمام الله عرياناً كما خلقك فيسألك عن هذا الريال من أين اكتسبته وفيما أنفقته؟ بأي لسان تجيب ربك سبحانه وتعالى إن أنفقته في معصية؟
يا أيها الحبيب! إذا سمعت صوتاً يغضب الله عز وجل، فاعلم أن الله أنعم عليك بهذه الأذن فأصمها عن سماع هذا الصوت، وإن استطعت أن تغيره فغيره.
يا أيها الحبيب! إذا نظرت إلى منظر لا يحل لك أن تنظره، فالأُولى لك، ثم اذهب بعينك، واعلم أنك محاسب على هذه النظرة ممن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
يا أيها الشاب! جوارح سوف تشهد عليك بين يدي الله، يوم تنفرد لوحدك، اعلم أن الشاهد سيكون من نفسك يوم تقف بين يدي الله، يد تشهد ورجل تشهد، وعين تشهد، وأذن تشهد، وكل شيء يشهد:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ}[النور:٢٤].