ويورد الذهبي رحمه الله: أن عمر رضي الله عنه -وهو أمير المؤمنين- حين قدم الشام، قال لأمير الجيش أبي عبيدة أمين الأمة رضي الله عنهم جميعاً: اذهب بنا إلى منزلك.
من أهداف عمر رضي الله عنه حين قدم الشام أن يزور بيت أميره ليثلج صدره برؤية مظهرٍ نادرٍ من مظاهر احتقار الدنيا الفانية، فقال أبو عبيدة:[[وما تصنع عندي؟ إن تريد إلا أن تعصر عينيك، قال: لا بد، فدخل عمر، فلم يرَ في بيت أمير الجيش شيئاً يرد البصر، فقال: أين متاعك؟ لا أرى إلا لبداً وصحفةً وشناء، وأنت الأمير، أعندك من طعام؟ قام أبو عبيدة إلى جونةٍ، فأخذ منها كسيرات خبزٍ يابسة وقدمها إلى أمير المؤمنين عمر، فلم يتمالك نفسه حينما رأى ذلكم البيت الذي كأنما هجر من دهر، وذلكم الطعام الخشن، فأجهش ونشق، فقال له أبو عبيدة: قد قلت لك إن تريد إلا أن تعصر عينيك يا أمير المؤمنين، يكفينا ما يبلغ المقيل، فأجهش أخرى، وقالها في تواضع كبير من رجلٍ كبير غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة]] وهل حقاً غيرت عمر؟ كلا ولكن:
دنوت تواضعاً وسموت مجداً فشأناك انخفاضٌ وارتفاع
كذاك الشمس تبعد أن تُسامى ويدنو الضوء منها والشعاع