للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عمر بعد الإسلام]

ولعلي أقف على صورة أو صورتين وأدع الباقي لتكملته في محاضرة أخرى، يقول صهيب: [[لما أسلم عمر ظهر الإسلام ودعونا له علانية وجلسنا حول البيت وطفنا]] فرضي الله عن عمر.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: {والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك}.

هو الوقاف عند كتاب الله، هو المجاهد المجالد مع المصطفى صلى الله عليه وسلم، هو الشديد في الحق، ثم هو المستشار لـ أبي بكر رضي الله عنه، ثم هو من ولي الخلافة بعد أبي بكر؛ فنشر دين الله في الأرض وعدل وفتح الله على يديه فتوحات عظيمة، أزيلت في عهده دول، شَرَّق الإسلام في عهده وغَرَّب، لم يكد يمضي وقت حتى صار الإسلام بلغ غالب الأرض، فامتدت دولة الإسلام من الشرق إلى الغرب، واهتزت عروش كسرى وقيصر، بل وسقطت على يدي عمر فرضي الله عن عمر.

يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه

يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه

ونظرة أيها الأحبة يجيلها المرء اليوم على الحاضر بعد تذكر هذا الماضي، وهذه الصورة المضيئة، فلا يملك إلا أن يقول:

إني أرى ناراً أعد هشيمها وثقابها لكنها لم توقد

عام وآخر مقبل ومودع لم نعتبر وكأننا لم نشهد

ولقد تشابهت السنون كأنني ما عشت عمري غير عام مفرد

ما حيلة العصفور قصوا ريشه ورموه في قفص وقالوا غرد

أين الذي نظم الجيوش من الذي نظم الكلام قلائداً من عسجد

قد كان همهم الفتوح وهمنا أن نغتدي أو نرتوي أو نرتدي

ومع هذا فإننا متفائلون؛ لأن العاقبة للمتقين، والضربات توقظ النائمين، وظننا بالله حسن.

وإنا لندعو الله حتى كأنما نرى بجميل الظن ما الله صانع

يقول ابن مسعود رضي الله عنه كما روى ذلك الإمام أحمد في الفضائل بسند حسن: [[لقد أحببت عمر حباً حتى لقد خفت الله جل وعلا، والله لو أني أعلم أن كلباً يحبه عمر لأحببته، ولوددت أني كنت خادماً لـ عمر حتى أموت، ولقد وجد فقده كل شيء حتى العضى]] إن إسلامه كان فتحاً، وهجرته كانت نصراً، وسلطانه كان رحمة، فرضي الله عنه ورحمه، ولي ولكم موعد مع صور أخرى من حياة هذا العلم وغيره من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.