[طريق الدعوة محفوف بالمكاره والمخاطر]
من هذه الدروس: أن طريق الدعوة والجهاد طريق محفوف بالمكاره، كله عراقيل، كله عقبات، وقد لاقى الدعاة في سبيل الله في هذا الطريق مكاره عظيمة فما صدتهم ولا ردتهم عن دعوتهم.
هاهو صلى الله عليه وسلم يَخرج من مكة من بين الأهل والجيران والإخوة والخلان حسيراً حزيناً كئيباً طريداً في تلك الفيافي والقفار، ما معه من مظلة إلا (لا إله إلا الله)، يصعد إلى أهل الطائف لأنه ما وجد هناك بيئة تتقبل لا إله إلا الله، ويذهب إليهم فيسخروا منه ويستهزئوا به، فهذا هو طريق الدعوة.
وهذا هو المصطفى صلى الله عليه وسلم لقي ما لقي من أذىً في سبيل الدعوة إلى الله، فطريق الدعوة هذا هو.
وإلى عهد قريب ليس في ذاك العهد، وإنما إلى عهد قريب نرى سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الوهاب حفيد إمام الدعوة رحمه الله يصدح بدعوة الحق، فيجعله أعداء الإسلام في فوهة المدفع، ثم يطلقون به المدفع لتتطاير أشلاؤه لتقول لكل الدعاة: قدموا أنفسكم في سبيل الدعوة إلى الله، فما نقموا منه إلا أن آمن بالله العزيز الحميد.
طريق الدعوة إلى الإسلام طريق تضحيات، ومن يفزع من هذا الطريق فليس بداعية حق الدعوة، إن الحافظ الله، إن الولي هو الله، إن المسدد هو الله.
هاهو موسى ذلك الغلام الذي رآه فرعون في منامه، ورأى هلاك ملكه على يديه، قتل من قتل من أولاد بني إسرائيل، ويربى هذا الطفل في بيت فرعون، ويترعرع أمام عينيه؛ لأن الله عزَّ وجلَّ حفظه ومن حفظه الله فلا خوف عليه.
وهذا والله درس عظيم للدعاة إلى الله؛ إذ مهما علا الباطل وزمجر، وارتفع هديره؛ فإن الله سيجعله زبداً ويبقى ما ينفع الناس، لا خوف فالله ناصر دينه شاء من شاء وأبى من أبى، أما كيد البشر فكيد ضعيف مهما عظم، ووالله لا تستطيع أي قوة في الأرض أن تصل لقلب مؤمن صادق في إيمانه ويقينه، ما أجمل وأصدق ما قاله أحد الدعاة حين أوذي في ذات الله!
تالله ما الدعوات تهزم بالأذى أبداً وفى التاريخ بر يميني
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة أو رد إيماني وصد يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يدي ربي وربي حافظي ومعيني