وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت عليه في المسجد، فإذا هو جالس والناس حوله جلوس، فقام إليَّ طلحة فرحاً مغتبطاً يهرول حتى صافحني وهنَّاني، والله ما قام إليَّ رجل من المهاجرين غيره، والله ما أنساها لـ طلحة رضي الله عنهم.
الله أكبر! ما أعظمه من تعامل للصحابة مع أخيهم! بالأمس القريب لا يتحدثون معه ولا يردون عليه السلام، واليوم يتنافسون فيمن يصل إليه أولاً ليبلغه نبأ التوبة.
إنه حب الخير لأخيهم كما يحبونه لأنفسهم، ولكن تحت ضوابط الشرع وأوامر الشارع.
قال كعب: فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وهو يبرق سروراً وجهه كأنه فلقة قمر: {أبشرْ يا كعب بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمُّك.
فقلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ قال: بل من عند الله} فحمد الله وأثنى عليه.
وفاز الصادقون بصدقهم، وحبط عمل الكاذبين، واللهُ لا يهدي القوم الفاسقين.
وظهر الاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية، هؤلاء هم رجال الصدق، رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، تخرجوا من مدرسة النبوَّة، صِدْق في الإيمان، قوة في اليقين، صدق في الحديث، صدق في المواقف، صٌبر عند اللقاء، اعتراف بالخطيئة، كلمة الحق في الرضا والغضب من غير تنميق عبارات أو تلفيق اعتذارات:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:٩٠]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة:١١٩].
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تخرج من أصلاب هذه الأمة رجالاً صادقين مخلصين يقولون الحق وبه يعدلون.