للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشيطان يورد المهالك]

حذار حذار يا عباد الله! من الخلوة والاختلاط، كم من رجلٍ تعلق قلبه بامرأة أجنبية حتى صار يعزف عن زوجته التي أحلها الله له، لا يجد لذة ولا راحة في معاشرتها ولا في الجلوس معها ولا في حديثها؛ لأن الشيطان قد علق قلبه بامرأة غيرها، فأصبح حاله كحال الشاعر الفرزدق مع زوجته يوم كان يتركها ويذهب ليعمل الفاحشة بغيرها، وهو رجلٌ أعمى البصر والبصيرة، فتسللت زوجته إلى إحدى النساء اللواتي يعمل معهن الفاحشة، فطلبت من هذه العاهرة أن تحل محلها في مقابل أن تسترها ولا تفضحها، وجاء الأعمى يظن أن هذه عشيقته وما علم أنها زوجته؛ فأخذت بيده إلى المكان الذي تعود به عمل الفاحشة، وواقعها وعندما انتهى قالت له: قبحك الله! فعرف أنها زوجته فقال لها: أنت فلانة؟ قالت: نعم قبحك الله، قال: ما أبغضك حلالاً وما ألذك وأهنأك حراماً!!

ومن يك ذا فم مر مريض يجد مراً به الماء الزلال

انظروا إلى الشيطان، فإياكم منه، إنه مدبر الحرام، يبين ويرغم فيه، فلو كان الرجل يملك زوجةً من أجمل نساء الدنيا حسناً وخلقاً، فإنه يراها غير جيدة أمام النساء الأجنبيات؛ لأن الشيطان يصور ويزين، ولقد حُدثنا وسمعنا أن رجالاً لديهم من الغيد الحسان ما يتمناه كل إنسان، ثم يتركونه وهو الحلال، ليتعقبوا أذيال نساءٍ مومسات، قبيحات الأشكال، خبيثات الأجسام، منتنات الروائح، وما ذلك إلا لأن الشيطان سول لهم وأملى لهم فاستبدلوا الحلال بالحرام فأولى لهم.

لم نر من الاختلاط خيراً أبداً، فحوادث الاختلاط نسمعها تقض المضاجع كل آن، فهاهو حدثٌ تقشعر منه الأبدان، الراوي يروي ما حدث منه، ويطلب التوبة والرجوع إلى الله جل وعلا بعد أن آلمته مرارة المعصية، يقول: إنه كان يخلو بزوجة خاله وهي في مثل سنه، يتحدث معها، والشيطان ثالثهما، فخيل لهما الشيطان أنهما حبيبان لا يقدر أحدهما على فراق الآخر، فكانت إذا خرج زوجها استدعته للجلوس معها، ويوم بعد يوم وتقع الفاحشة ونعوذ بالله من الفواحش، ثم بعد ذلك يسعى ليطلقها من خاله بحجة أنه سيتزوجها، وفي سبيل هذا وقع عليها أكثر من أربعين مرة كلها برضاها ورضاه، لا إله إلا الله ما أعظم جرم الزنا! ولم يكتف بالزنا بل خان عرض خاله وهو كعرضه وعرض أمه، سمع موعظة فتذكر فاحشته، فأبغض زوجة خاله وأراد قتل نفسه، وذهب يستفتي أحد العلماء هل يجوز قتل هذه المرأة؟! سبحان الله، ولا إله إلا الله!

يا إخوتي: عندما يكثر التساهل والتسامح يحدث ما نسمع، ويحدث ما نرى، فيا من اشتغل بماله وتجاراته عن أهله:

أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمالِ

يا من ادعى طهر القلب: إن محمداً صلى الله عليه وسلم وبناته وزوجاته هم أطهر الناس قلوباً، يا من يدعو إلى انحلال هذه الأمة بانحلال نسائها، لتخسأ، ما زالت في الأمة بقية تحمل حقاً، والحق يزهق الباطل: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء:٨١]

عباد الله: اتقوا الله، ولنحفظ ديننا ولنحفظ أعراضنا وسلوكنا بالمحافظة على أمتنا وعلى استقامتها وسلامتها، وعلى حفظ نسائنا، وبناتنا، وأخواتنا، اللهم من أراد بنا وبهن سوءاً فاقصم ظهره، وأرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم لا ترفع له راية، واجعله لمن خلفه آية، إنك على كل شيء قدير.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.