عباد الله: هذه أقوال ومواقف، أَطَلْت فيها لأنني أعايش فيها شيئاً لا أراه في نفسي ولا في من حولي، أرى أنهم يتذوقون طعماً لم نتذوقه، ويولعون بشيء لم نعشقه.
إنه الإيمان بلسم الحياة.
أقف وأتساءل من الأعماق، هل هذا الإيمان الذي نعيشه هو الإيمان الذي عاشوه وأحبوه؟!
هل البلاء في الأشخاص، أم في الزمان، أم في الإيمان؟!
إن الإيمان هو الإيمان أيها المؤمنون، والزمان هو الزمان، والأجساد هي الأجساد لم يتغير شيء، لكن الذي اختل فقط: هو العلاقة بين الشخص والإيمان، إنهما لم يلتقيا بعد اللقاء الحقيقي!
أما -والله- لو التقى الأشخاص مع الإيمان لقاءً حقيقياً لا شعاراً، لقاءً عميقاً في تشبث واعتزاز، لكان ما كان مما قد سمعتموه، لذة لا يعدلها لذة، وحلاوة لا ينعم من لم يذقها، كيف؟
إنه الإيمان بلسم الحياة، وأس الفضائل، ولجام الرذائل، وقوام الضمائر، وسند العزم في الشدائد، وبلسم العبر عند المصائب، وعماد الرضا والقناعة بالحظوظ، ونور الأمل في الصدور، وسكن النفوس، وعزاء القلوب إذا أوحشتها الخطوب، والعروة الوثقى عند حلول الموت بسكراته العظمى.
المؤمن في كل أحواله وأعماله الصالحة مثل أم موسى عليه السلام، ترضع ولدها، وتطفئ بذلك ظمأ نفسها وشغف قلبها، وتأخذ على ذلك أجراً، فكذلك المؤمن يسعد بإيمانه في الدنيا وبثواب إيمانه في الآخرة، وذلك فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون.