اللهم لك الحمد ملء السماوات والأرض، فكل الحمد لك، اللهم لك الشكر لنعمٍ لا نحصيها، فكل الشكر لك، اللهم لك التذلل والخضوع، فلا معبود غيرك، نسألك الأمن من هول يومٍ يستوي فيه القوي والضعيف، والشريف والوضيع، فالناس فيه سكرى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة حقٍ وصدقٍ أتولى بها الله ورسوله والذين آمنوا تترى، وأتبرأ بها براءةً كاملةً من كل طاغوتٍ وندٍ معبودٍ ظلماً وزوراً؛ من دون الله الولي الأعلى، شهادةً صادرةً عن يقين صادقٍ واعتقادٍ صحيح؛ لا شكوك فيها ولا أوهام والله المولى، نسأله الثبات عليها، والعمل بمقتضاها حتى يأتي اليقين وهو أرحم الراحمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين، خصه الله بجوامع الكلم، وأنزل عليه القرآن المبين.
فيا إخوتي في الله! حياكم الله -والتحايا مفاتيح القلوب- تحيةً طيبةً لطالما ثملت في الصدر ثمول النار في الحجر، ثم وافتكم الليلة كعبير السحر، تتنفس في لقائكم شذى الريحان والورد والمسك والعنبر، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية الإسلام تبعثها الروح إلى الروح، من كبدٍ مقروح، لامطففة ولا جموح، فللأمور دلائل، وللحقائق مخايل، وبين النفوس تعارف وتآلف، وما يخفى المريب والأمين، ولا يشتبه الصحيح الصريح بالمتهم الضنين، القلوب عرفاء، والأوجه شهداء، والأبصار أدلاء فلا خفاء.
أحياكم الله وحياكم، وأبقاكم للأمة ذخراً، تصلون أسبابها، وتعيدون لها نضرتها وشبابها، وللإسلام ترفعون أعلامه، وتدفعون ظلامه، وتؤدون فرضه، وتردون قرضه، وتصونون عرضه، وتصعدون سماءه، فتحفظون أرضه برحمة الله ومنه.