الأمر الثالث يا أيها الأحبة: أن نرفع رءوسنا بهذا الدين، لأن منا من يحمل هذا الدين لكن وهو مطأطئ الرأس، هذا لا ينفع الله به أبداً، لأن هذا الدين من حمله فهو يطاول السحابة في السماء، لأنه دين الله، دين الله عز وجل لا يعلو عليه شيء، يجب عليك أن تبلغه وأنت مرفوع الهامة والقامة، لتكن مثل ربعي بن عامر في إيوان كسرى وهو يصدح:[[جئنا نخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام]].
ينبغي أن تكون كـ ربعي لكن في الوقت المناسب.
ينبغي أن تكون كأحد علماء الشام وهو الشيخ سعيد الحلبي في يوم من الأيام وكان يلقي دروساً في مسجداً من المساجد، وجاء إبراهيم بن محمد علي باشا والي مصر ودخل المسجد، فقام الناس كلهم له إلا هذا الرجل، فتأثر في نفسه، فهو يريد أن يقوم له، وعندما تأثر من نفسه قال: لآتينه من باب لطالما أتي طلبة العلم من هذا الباب، باب الدنيا، ذهب إلى بيته وأعطى أحد جنوده مبلغاً من المال، وقال: اذهب وأعطه فلاناً، وكان المبلغ ألف ليرة ذهبية، فجاء به إليه.
وكان الشيخ في جلسته يلقي الدرس وهو مادٌ رجله، ولم يتغير عن ذلك عندما دخل ذلك الطاغية، فجاء إليه رسول الطاغية وقال: إن إبراهيم باشا يقول: هذه لك -وهي ألف ليرة ذهبية- فتبسم، وقال: ردها له وقل له: إن الذي يمد رجله لا يمد يده.
ينبغي -كما قلت لكم أيها الأحبة- أن نحمل هذا الدين بعز، وإلا فوالله لن ينفع الله بنا ما دمنا نحمله على استخذاء وعلى حياء ونطأطئ رءوسنا.