فيا طلبة العلم! ويا أيها العلماء! ويا دعاة الإسلام! هذا وقت الأمر والنهي، من يأمر وينهى إن لم تأمروا وتنهوا؟ إنا لا ندعو لمضاربة الناس، ولا لشتمهم، ولا لجرح شعورهم، ولا للتشهير بهم، حاشا وكلا، لكن ندعو إلى إنقاذ الناس من الضلالة، ندعو إلى إنقاذ الناس من النار؛ ندعو إلى أخذ الناس لمركب النجاة، ندعو إلى الأخذ بحبل الله؛ بكلمة الحق في أي مكان، بالنصيحة في الشارع، بالقدوة الحسنة، بالزيارات.
يقول محمد صلى الله عليه وسلم:{من رأى منكم منكراً فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان}، وفي رواية:{وليس بعد ذلك مثقال حبة خردل من إيمان}، وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه وأرضاه- قال:[[بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وأن نقول في الله لا تأخذنا فيه لومة لائم، فمنا من وفى بذلك؛ فأجره على الله]].
ألا لا تأخذ المسلم في الله لومة لائم، يغضب مَنْ يغضب إذا رضي الله، ويسخط من يسخط إذا رضي الله {من أرضى الناس بسخط الله: سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله بسخط الناس: رضي الله عليه وأرضى عليه الناس}، والله إذا علم منك أنك تريد إرضاءه، أرضى عنك الناس، وحماك وسددك وكفاك وآواك.
ألا فاحفظ الله يحفظك، واحفظ الله تجده تجاهك، تعرَّف على الله في الرخاء، يعرفك في الشدة.
صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:{مثل القائم في حدود الله- أي: الذي يأمر وينهى- والواقع فيها، كمثل قوم استهموا في سفينة، فكان قوم أعلاها، وقوم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على الذين في أعلاها، فظنوا أنهم آذوهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في الجانب السفلي لما آذينا الذين فوقنا} ثم قال عليه الصلاة والسلام: {فإذا تركوهم هلكوا وهلكوا جميعاً، وإذا أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً} وهذا مثل من يترك المفسدين الفجرة الذين يلعبون بالأعراض والمبادئ والقيم، ويقول: نفسي نفسي، يصلي ويخرس كالشيطان الأخرس، من بيته إلى المسجد، ويرى الأمم، ويرى الأجيال، والشباب تائهين، ضائعين، حائرين، ثم لا يقول هذا هو الطريق؛ ليبقى وديعاً، هادئ البال، مطمئناً مرتاحاً.
من كلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يرى الجرائم ولا يتكلم بكلمة، أما -والله- لو أن أحدنا أمر بأمر بسيط، أو نهى عن منكر في اليوم الواحد بالتي هي أحسن لصلح حالنا.