إن النَّجاة والمخرج في أمر لا غير، لا يصلح قلب، ولا تستقيم نفس ولا تسعد إلا به، خُوطب به الخلق أجمعون، خُّصَّ به المؤمنون، أُوصِيَ به الأنبياء والمرسلون، وخاتمهم سيد ولد آدم أجمعين، عليه وعليهم صلوات وسلام رب العالمين.
أي أمر هذا أيها المؤمنون؟
إنه وصية الله للأولين والآخرين:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء:١٣١] تقوى الله وكفى، قال جلَّ وعلا:{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[الزمر:٦١] ويقول تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}[مريم:٧١ - ٧٢].
أي تقوى تنجي بين يدي الله؟
أهي كلمة تُنْتَقى وتُدَبَّج في مقال؟
أم هي شعار يُرفع بلا رصيد من واقع؟
كلا.
ما كل منتسب للقول قوَّال.
لو أن أسباب العفاف بلا تقى نفعت لقد نفعت إذاً إبليس
فهو القائل:{إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الحشر:١٦] لا ينجي -والله- في تلك الأهوال إلا حقيقة التقوى؛ لُبّها كُنهها ماهيتها مضمونها.
فما حقيقة تلك الكلمة يا عباد الله؟
إنها هيمنة استشعار رقابة الله على حياتك أيها الفرد، حتى كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وتلك أعلى مراتب الإيمان؛ وهي مرتبة الإحسان: