للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال الإنسان بلا إيمان]

الفرد بغير إيمان: ريشة في مهب الريح لا تستقر على حال ولا تسكن إلى قرار.

الفرد بلا إيمان: ليس له امتداد ولا جذور، لا يعرف حقيقة نفسه ولا سر وجوده، لا يدرى من ألبسه ثوب الحياة، ولماذا ألبسه إياه، ولماذا ينتزعه منه بعد حين.

النفس بلا إيمان: مضطربة، حائرة، متبرمة، قلقة، تائهة، خائفة، كسفينة تتقاذفها الريح في ثبج البحر وأمواجه.

الفرد بلا إيمان: حيوان شَرِهٌ فاتك لا تُحدُّ شراهته، ولا تُقلَّم أظفاره، سئم حديده، فعجم عوده، وحطَّم قيوده.

الفرد بلا إيمان: يكون أدنى رتبة في سلم المخلوقات، من أذل البهائم، وأضعف وأحقر الحشرات، وأشرس الضواري، كما يقول صاحب قصة الإيمان:

البهائم تجوع كما نجوع؛ لكنها في سلامة من همِّ الرزق، وخوف الفقر، وكرب الحاجة، وذل السؤال.

البهائم تلد كما نلد، وتفقد أولادها كما نفقد، لكنها في راحة من هلع المَثْكَلة وجزع الميتمة، وهمِّ اليتامى والمستضعفين والمضطهدين والمظلومين.

البهائم تتلذذ كما نتلذذ، وتَأْلَم كما نأْلَم، لكنها في راحة مما يأكل القلوب ويُقرِّح الجفون، ويقض المضاجع، ويقطع الأرحام، ويفرق الشَّمل، ويخرب البيوت من مهلكات كالحسد والكذب والنميمة والفرية والقذف والخيانة والنفاق والعقوق ونكران الجميل.

البهائم تُعرف بنوع من الإدراك أعطاها الله إياه ما يضرها وما ينفعها، لكنها في سلامة من أعباء التكاليف، وثقل الأوزار، ومضض الشك، وعذاب الضمير، وهمِّ السؤال بين يدي الحكيم الخبير.

البهائم تمرض كما نمرض، وتموت كما نموت، لكنها في راحة من التفكير في عقبى المرض، وفراق الأحباب بعد الممات، وسكرات الموت ومصير ما وراء القبور من حشرٍ ونشور.