[قصة رياح بن عمر القيسي]
كيف كان ليل سلفنا؟ هاهو أحدهم؛ وهو رياح بن عمر القيسي عليه رحمة الله، أحد التابعين، تزوج امرأة صالحة، وأراد أن يختبرها، هل هي من اللاتي ركن إلى زخارف الدنيا؟ هل هي الصائمة القائمة أم هي المشغولة بقيل وقال وبالأزياء والموديلات وما أشبه ذلك من زخارف الدنيا؟ يوم جاء الصباح ما كان منه إلا أن رآها تعجن عجينها، وتعمل عمل البيت وتقم ببيتها، فقال: يا دؤابة -واسمها دؤابة - أتريدين أن أشتري لك أَمَة لتخدمك؟ قالت: يا رياح! إني تزوجت رياحاً، وما تزوجت جباراً عنيداً.
ثم جاء الليل، فقام يتناوم، فقامت ربع الليل الأول، وقالت له: يا رياح! قم.
قال: أقوم.
ثم نام مرة أخرى، فقامت الربع الثاني، وقالت: يا رياح! قم.
فتناوم -أيضاً- مرة أخرى، ثم قامت ربع الليل الثالث، ثم قالت: يا رياح! قم.
فقال: أقوم.
ولم يقم، فقالت: يا رياح! قد فاز المحسنون، وعسكر المعسكرون، يا ليت شعري من غرَّني بك؟! يا ليت شعري من غرني بك؟!
تقول: اغتررت فيك ووقعت بإنسان لا يقوم الليل، مع أنه يقوم الليل، ولكنه أراد أن يختبرها.
فهل جعلنا لثلث الليل الآخر منا ولو ركعتين؛ علّ الله أن ينظر إلينا بنظرة رحمة، وبنظرة عطف؛ فيرحمنا في الدنيا والآخرة؛ فنسعد في الدنيا والآخرة سعادة الأبد.
نسأله سبحانه وبحمده أن يجعلنا من المرحومين المغفور لهم.
أما في النهار فما حالنا؟
منا -والله أيها الأحبة- مَن يخرج الصباح مِن بيته فيبحث عن الحرام أنى كان فيجمعه فمطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّيَ بالحرام.
فما حال سلفك يا عبد الله؟
إن امرأة من السلف يوم يخرج زوجها في الصباح تقول له: اتقِ الله ولا تطعمنا إلا حلالاً، فإنا نصبر على الجوع، لكنا لا نصبر على النار، فهل قال لنا نساؤنا كذلك ونحن نخرج؟
يا أيها الأحبة! بعد هذه الأعمال، وبعد هذا الليل المخزي، وبعد هذا النهار المخزي، نرجو النجاة؟!
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليَبَس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على ما كنت تركب من بغل ومن فرس
يوم القيامة لا مال ولا ولد وضمَّة القبر تنسي ليلة العرْس