يقول صاحب:" شخصية المسلم ": رغيف الخبز على الرغم من صغر حجمه، لا يصل إلى الإنسان إلا بعد عمل عشرات بل مئات من البشر، تعاونت على تجهيزه وإعداده وتقديمه، ومن كان في شك من ذلك، فليسأل نفسه: من حرث الأرض؟ ومن بذر الحَب؟ ومن سقاه بالماء؟ ومن نظف الحشائش عنه؟ ومن حرثه؟ ومن حصده؟ ومن نقله إلى الجرن؟ ومن طحنه؟ ومن خبزه؟ ومن بالنار سواه؟ ومن إلينا حمله؟ ومن قدمه؟ ومن ومن أسئلة كثيرة، هذا الجهد في أمر رغيف خبز؛ فكيف بالأمر في خدمة دين الله، والتمكين له في بناء النفوس، وفي صنع الرجال، في كشف الظلم، في إنارة البصائر؟
إنه يحتاج إلى تضافر طاقات وقدرات، مع صبر ومصابرة وثبات:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ}[التوبة:٧١] فهيا إلى التلاحم، وهيا إلى التعاون، وهيا إلى التآزر.
فالنصر لم ينزل على متخاذل والرزق لم يُبعث إلى متواكل
ولنترك اللوم والتوبيخ؛ فاللوم لا يحرك ولا يجمع، والتفتيش عن الثغرات التي يدخل منها الداء أولى، وعند كلٍ من الهموم ما يكفيه، وليس بحاجة إلى مُعكرٍ إضافي، فليحوِّل كل منا أخاه إلى داعية معه، يحمل هَمَّ الدعوة ويتبنى أفكارها، وحاله يهتف ويقول: