[ضرورة التوبة قبل إغلاق الباب]
انتبه عبد الله وتيقظ وادخل باب التوبة المفتوح -قبل إغلاقه- مبادراً منكسراً: {وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الْذِينَ يَتَّبِعُونُ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} [النساء:٢٧].
أحبتي في الله! العيون تذنب، والآذان تذنب، والقلوب تذنب، والأبصار تذنب، والأرجل تذنب، وكلنا ذوو خطأ وذنب.
والله لا يغسل هذه الذنوب إلا التوبة النصوح، التوبة التوبة لعلكم تفلحون، الأوبة الأوبة، متى ما أقبلتم على الله فاستغلوا ذلك الإقبال؛ فإن النفس كالحديدة لا تلين بيد الحدَّاد إلا إذا كانت ساخنة، فإذا بردت جمدت وصارت أشدَّ من الحجارة.
ألا واستغلوا اندفاع الأنفس إلى الخيرات؛ فإن لكل نفس إقبالاً وإدباراً، ولكل خافق سكوناً:
إذا هبت رياحك فاغتمنها فإن لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها فلا تدرى السكون متى يكون
إن صاحب الشِمال -المَلَك الموكَّل بالسيئات- ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ؛ فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتبت عليه واحدة فضلاً مِن الله ومِنَّة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، التوبة على عَجَل قبل دنوِّ الأجل، لنندم ونقلع، ونرد المظالم، ولنخالط الصالحين؛ فبخلطة الصالحين نتذكر رب العالمين.
{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء:١٧].
يا نفس توبي قبل أن لا تستطيعي أن تتوبي
واستغفري لذنوبك الـ ـرحمن غفار الذنوب
إن المنايا كالريا ح عليك دائمة الهبوب
...
يا من يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى نياط عروقها في نحرها والمخ في تلك العظام النُحَّل
اغفر لجمع تاب من زلاته ما كان منه في الزمان الأول
نسألك اللهم باسمك الأعظم، نسألك اللهم بعزِّك وذلِّنا إلا رحمتنا.
نسألك بقوتك وضعفنا، وبغناك وفقرنا إليك إلا غفرت لنا.
هذه نواصينا الخاطئة الكاذبة بين يديك.
عبيدك سوانا كثير ولا رب لنا سواك.
لا ملجأ ولا منجى إلا إليك، لا مهرب منك إلا إليك.
نسألك مسألة المسكين، ونبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وندعوك دعاء الخائف الضرير، ونسألك سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذلَّ لك قلبه إلا رحمتنا وتقبلتنا.
من يغفر الذنوب إلا أنت؟
من يستر العيوب إلا أنت؟
اللهم آمن روعاتنا، واستر عوراتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بك اللهم أن نُغتالَ من تحتنا، اللهم تقبلنا فيمن تقبلت، اللهم تقبل منا أحسن ما عملنا، وتجاوزْ عن سيئ ما عملنا.
ربَّاه! من يفتح الباب إن أغلقته، من يعطينا العطاء إن منعته، اللهم تقبلنا في التائبين، واغفر ذنوب المذنبين.
اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك في حاجة إلى رحمتك، وأنت في غنى عن عذابنا، اللهم جازِنا بالإحسان إحساناً، وبالإساءة عفواً وغفراناً.
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
تم الكلام وربنا محمود وله المكارم والعُلى والجُود
وعلى النبي محمد صلواته ما ناح قُمْري وأورق عُود