ثانياً: أن ذلكم الجيل قد جعل القرآن الكريم والسنة منهج تلقٍ للتنفيذ والعمل والتطبيق، لا منهج دراسة ومتعة، كما هو حال كثير من الأجيال التي خلفت ذلك الجيل الفريد.
وما السيف من غير أبطاله! وما العين من غير إنسانها!
إن أولئك لم يكونوا يقرءون القرآن لقصد الثقافة والاطلاع وزيادة الحصيلة الفقهية فحسب! بل كان الواحد منهم يتلقى القرآن ليتلقى أمر الله في خاصة شأنه وشأن المجتمع الذي يعيش فيه وشأن الحياة التي يحياها يتلقى ذلك كله ليعمل به فور سماعه وحاله:
أنا بالله عزيز لا بعزى أو مناة
معي القرآن أتلو هـ فيحيي لي مواتي
استبانت غايتي من آية في الذارياتِ
فتح هذا الشعورُ لهم من القرآن آفاقاً لم تكن لتُفْتَح لهم بغيره، ويسر لهم العمل، وخفف عنهم ثقل الأعباء والتكاليف، حوَّل مسار حياتهم إلى الاتجاه الصحيح، فحالهم:
دوى القران أيا نفوس فأوِّبي شوقاً إلى خُضُر الجنان ورددي
ولو أنهم قصدوا القرآن بشعور البحث والدراسة والاطلاع والثقافة ما كان لهم ما كان:
إن المخالب في يدَي ليث الوغى قضب وفي يد غيره أظفارُ