[من آثار الإيمان: سعة الرزق وانشراح القلب وتوكله]
ومن آثار الإيمان: سعة الرزق لأهل الإيمان والبركة فيه.
المؤمن -أيها الأحبة- لا يذهب منه ريال في شراء ما يغضب الله جلا وعلا، لا يذهب منه ريال في شراء دخان، وما في حكم الدخان من الخبائث، ولا يذهب منه ريال في شراء فيلم مفسد أو مجلة أو جريدة مفسدة؛ لأنه يعلم أنه مسئول أمام الله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، فيصون رزقه عن الربا، وعن الغش، وعن الحِيَل، وعن المكر والخداع، ويجند رزقه فيما يرضي الله جل وعلا، فيرزقه الله ويبارك الله له: {وَمَن يَتَّقِِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق:٢ - ٣].
ومن آثار الإيمان: صدق التوكل على الله، وتفويض الأمور إلى الله جل وعلا، والاعتماد عليه في السعي في هذه الحياة، واستمداد العون منه في الشدة والرخاء؛ فالمؤمنون يجدون في توكلهم على الله راحة نفسية، وطمأنينة قلبية، إن أصابهم خير حمدوا الله جل وعلا وشكروه، وإن أصابتهم شدة صبروا وشكروا، ولسان حالهم ومقالهم: {قُل لَّن يُّصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} [التوبة:٥١ - ٥٢].
هاهو خالد بن الوليد المؤمن الحق بإذن الله يُقَدَّم له في يوم من الأيام سم من قِبَل طاغية من الطغاة، ويقول له هذا الكافر: إن كنتم صادقين في التوكل على الله جل وعلا واللجوء إليه، والثقة به، فاشرب هذه القارورة من السم.
فما كان من خالد رضي الله عنه إلا أن أخذها وقال: [[باسم الله، توكلت على الله، ثقة بالله سبحانه وتعالى]] ثم شربه، فلم يصبه إلا العافية: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:٣] نعم أجر العاملين: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل:٤٢].
ومن آثار الإيمان: انشراح الصدر، وطمأنينة القلب: {أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ من رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ} [الزمر:٢٢]، المؤمن منشرح الصدر، مطمئن القلب، قد آمن بالله ربَّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، فذاق حلاوة الإيمان، فانشرح صدره.
هاهو أحد المؤمنين يقول -وقد انشرح صدره للإيمان فتلذذ بهذه العبادات التي هي من الإيمان-: والله لولا قيام الليل ما أحببت البقاء في هذه الدنيا، ووالله إن أهل الليل في ليلهم مع الله ألذ من أهل اللهو في لهوهم، والله إنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طرباً بذكر الله حتى أقول: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي نعيم عظيم.
تلذذوا بالإيمان، وذاقوا حلاوة الإيمان فانشرحت صدورهم.
والآخر يقول: والله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف.
والعكس بالعكس؛ من نقص إيمانه كانت حياته ضنكاً، وكان صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصَّعد في السماء، وصدق الله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى} [طه:١٢٤].