[بروز العقيدة وقت الشدائد]
عقيدتنا تخرج في الشدائد والمدلهمات، نرتبط بها ارتباطاً عجيباً، هاهو صلى الله عليه وسلم لا يؤمل صحابته في جهاده برجوعهم إلى الدنيا، لكن يؤملهم بجنة وما عند الله، حتى رأوا الجنة من هنا، وشموا رائحتها حتى قال قائلهم: واه لريح الجنة! إني لأجد ريحها دون أحد.
تعلقوا بالله وما عند الله؛ فنصرهم الله.
خالد بن الوليد يوم يجتمع الكفر عليه ويتألب عليه بأضعاف أضعاف عدد المسلمين لديه، فيقول المسلمون لـ خالد: لا بد من اللجوء إلى سلمى، أو إلى أجى -جبلين في حائل - فتدمع عيناه، وهو المتوكل على الله، والواثق بنصر الله، ويقول: لا، لا إلى سلمى، ولا إلى أجى، ولكن إلى الله الملتجى.
فينصر؛ لأنه نصر الله، وتوكل عليه.
ويا جامع الطعام والشراب استعداداً لخوض معركة مع أعداء الله! هاهو إبراهيم عليه السلام يضع زوجته وابنه إسماعيل في أرض مجدبة لا زرع فيها ولا ثمر، ويذهب فتقول زوجته: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله الذي أستودعكما إياه، فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا.
ما أعظم التوكل واليقين!
يا أمة العقيدة! تمسكوا بدينكم، والتزموا شرعكم، وافتخروا به، وتحاكموا إليه في كل شئونكم، واستشعروا معية الله معكم، فإن الله مع المؤمنين {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:١٤٦] اصدحوا بالحق فقد صدح به أسلافكم، سطح ربعي في إيوان كسرى يوم سأله كسرى: لم جئتم؟ فرد بصوت مدوىٍ كالصاعقة، قال: [[جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام]] يقول له كسرى: كم في جيش الإسلام من مثلك؟ قال: إني خلفت في جيش الإسلام آلافاً مثلي، فيقول كسرى: والله ليملكون ما تحت قدمي هاتين، وفعلاً ملكوه بعقيدتهم الصافية.
ألا واثبتوا -يا عباد الله- كثبات أسلافكم، ومنهم عبد الله بن حذافة يوم عرضت عليه النصرانية وهو أسير، فأبى أشد الإباء، أغليت له قدور الزيت حتى أصبح الزيت يغلي وألقي فيه اثنان من المسلمين، فتفتتوا ليرهبوه، وليردوه عن (لا إله إلا الله) وتدمع عيناه، فقيل له: لم؟! هل ستعود عن دينك إلى النصرانية؟! قال: لا.
قالوا: فما يبكيك؟! قال: [[نظرت، فإذا هي نفس واحدة، وددت أن لي أنفاساً بعدد شعر جسدي تلقى كلها في هذا القدر في سبيل الله]].
والخير لا زال، وسيبقى بمقتضى {لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة}.
هاهو أحد قادة الأفغان المعتزين بدين الإسلام، والذين يدافعون عنه بمثل هذه الأيام، يقول: اعتقل الشيوعيون أبي حتى أترك الجهاد، فرفضت، فقتلوه، ثم اعتقلوا أمي لكي أترك الجهاد، فرفضت، فقتلوها، ثم اعتقلوا أخي لأترك الجهاد، فرفضت، فقتلوه، ولا والله ما أترك الجهاد، ولن أتركه حتى النصر أو أهلك دونه في سبيل الله، فألقى الأحبة محمداً وصحبه.
الله أكبر يا عباد الله! نريد رجالاً كهذا في مثل هذه الأيام تعتز بدينها، تعتز بعقيدتها لتنصر من رب النصر سبحانه وتعالى.
يا أمة العقيدة! إن أمة العقيدة أمة نشيطة لا تضيع وقتها في اللهو واللعب؛ لأن الله سيسألها عن أوقاتها، أمة العقيدة أمة تضحية، أمة العقيدة أمة مراقبة لله، ثابتة لا تتزحزح في أي مكان، أما أمة تلتزم بعقيدتها، ثم إذا سافرت إلى بلاد الكفر نسيتها هنا، ليست بأمة عقيدة حقة.
أمة تلتزم بعقيدتها في الرخاء، وفي الشدة تضيعها ليست بأمة عقيدة.
أمة العقيدة أمة آمرة ناهية ليست متخاذلة، أمة العقيدة تنكر الروابط الأرضية من جنس ولون ولغة وترفع (لا إله إلا الله).
أمة العقيدة جعلت بلالاً وسلمان وعمر وعثمان بنعمة الله إخواناً، عقيدتنا ثمينة، عقيدتنا غالية، ألا وفي هذه الأحداث رخصت عند بعض الرخصاء من الناس، يوم خرج بعض مرضى القلوب فأطلقوا ألفاظاً نسأل الله أن لا يؤاخذ الأمة كلها بهذه الألفاظ تدل على عدم ثبات العقيدة، كقول بعضهم: إن قوى الكفر تقول للشيء: كن فيكون، لا إله إلا الله ما أحلمك يا رب! عقيدتنا تنادي هؤلاء المرضى، ولا زالت تناديهم: عودة إلى الله، فالعود أحمد.
العودة إلى الله أيها المسلمون! التعلق بالله، التوكل على الله، الثقة بالله، الرجوع إلى القرآن، الرجوع إلى السنة، تصفية العقيدة، عند ذلك أبشروا بالنصر {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد:٧].
إسلامنا هو درعنا وسلاحنا ومنارنا عبر الدجاة الظلمة
هو بالإخوة رافعٌ أعلامه فامشي بظل رضائه يا أمتي
لا الغرب يقصد عزنا كلا ولا شرق التحلل إنهم كالحية
الكل يقصد ذلنا وهواننا أفغير ربي منقذٌ من شدتي
اللهم إنا نسألك يا من لا ينقذ من الشدة إلا أنت! نسألك نصرك نسألك عزك نسألك قوتك نسألك أن تثبتنا على الإيمان، وأن تنصرنا بالقرآن، وأن تخذل أعداءك أعداء الإسلام.
اللهم وأخرج للأمة رجالاً كـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إنك على كل شيء قدير.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.