يروي أهل السير أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أعطى رجلاً من قريش شبه وعد أن يزوجه ابنته، فلما حضرته الوفاة أرسل إليه فزوَّجه إياها، وقال: كرهت أن ألقى الله عز وجل بثلث نفاق.
إذا قالَ تمَّ عَلَى قولِهِ ومات العناءُ بلا أو نَعَمْ
هذه الصفحة رسالة لي، ولإخوتي معشر طلاب العلم، وللناس عامة؛ أن نتق الله فيما نعد به؛ فكم من أوقات تهدر ومصالح للأمة تتعطل بناءً على مواعيد عرقوب، يعدك الواحد في السابعة ويأتيك إن أتى في العاشرة، أو لا يأتيك ولا يعتذر إليك عن مجيئه، وما هكذا تكون أخلاق المسلم أبداً.
إن عرقوباً المضروب به المثل أصبح واقع كثير منا هذه الأيام.
وما قصة عرقوب؟
يأتيه أخ محتاج سائل فيسأله شيئاً، فيقول: عرقوب: إذا أطلع النخل أعطيتك، فلما أطلع أتاه فقال: إذا صار بلحاً أعطيتك، فلما صار بلحاً أتاه، فقال: إذا أزهى بحمرة وصفرة، فلما أزهى أتاه، فقال: إذا صار رطباً، فلما صار رطبا أتاه، فقال: إذا صار تمراً، فلما صار تمراً خرج إليه في الليل، وقطعه في الليل ولم يعط أخاه شيئاً، فقال ذلك الرجل:
وعدتني ثم لم تُوف بموعدتي فكنت كالمُزْن لم يمطرْ وقدْ رعَدَا
كانت مواعيد عرقوبٍ لنا مثلاً وما مواعيدُهُ إلاَّ الأبَاطِيلُ
فيا أيها المؤمنون عامة! ويا طلبة العلم خاصة! إن وعد الكريم نقد، ووعد اللئيم تسويف، فإن وعدت بخير فأوف، وإن أوعدت بشر فاعف، وإياك أن تلقى الله بخصلة نفاق؛ فإن من آية المنافق أنه إذا حدَّث كذب، وإذا ائتمن خان، وإذا وعد أخلف، والنسيان جائز ومغفور:{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:٢٨٦].