للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صور من عقوق الوالدين]

هاهو شاب اسمه منازل رمز للعقوق عند العرب، ينهمك في المعاصي فيتقدم إليه أبوه فينصحه، ويقول له: اتق الله فيتقدم إلى أبيه فيلطمه، ويالله! ابن يضرب أباه، فحلف بالله ليحجن إلى البيت الحرام، وليدعون عليه وهو متعلق بأستار الكعبة، فذهب ووصل إلى الكعبة وتعلق بأستار الكعبة فكان يقول:

يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا أرض المهامةً من قربٍ ومن بعد

هذا منازل لا يرتد عن عققي فخذ بحقي يا رحمن من ولدي

وشل منه بحول منك جانبه يا من تقدس لم يولد ولم يلد

وتصعد الدعوة إلى الله جلَّ وعلا، فييبس شق ولده الأيمن فيصبح يابساً بهذه الدعوة من هذا الأب.

وهاهو آخر: يحكى لي بائع مجوهرات ويذكر أنه في رمضان في سنة من السنوات: تقدم إليّ رجل وأمه وزوجته وابنه الصغير، قال: دخلوا عليّ في المحل، قال: فوقفت الأم متحجبة على استحياء وابن ابنها معها تمسك به، قال: وتقدمت الزوجة وزوجها فأخذوا من الذهب بمقدار عشرين ألف ريال، قال: ثم تقدمت الأم من هناك فأخذت خاتماً بمائة ريال، وجاء يُحاسب صاحب المجوهرات وهو يعرف أنه أخذ بعشرين ألفاً، قال: كم حسابك؟ قال: عشرين ألفاً ومائة ريال؛ قال: وما هذه المائة؟ قال: أمك أخذت خاتماً بمائة.

فغضب وأرغى وأزبد وتقدم إليها وأخذ الخاتم من يدها، وقال: العجائز ليس لهن ذهب وليس لهن زينة، فما كان من هذه الأم إلا أن ذرفت دموعها وتغصصت بجرعها، وما كان منها إلا أن خرجت بابنه تحمله بين يديها إلى السيارة، وركبت السيارة بها من الهم ما لا يعلمه إلا الله.

يقول صاحب المجوهرات وأنا أعرفه: والله! لقد بكيت أنا مما رأيت من الموقف، قال: فقالت زوجته: إن أمك هي التي تمسك بابننا وهى التي تخدمنا فما لك لا تعطيها هذا الخاتم، لن تمسك بابني بعد ذلك ولن تخدمني، فذهب إليها بالخاتم، وقال لها: خذي يا أماه! قالت: والله ما لبست ذهباً ما حييت، والله ما عرفت الذهب ما حييت أبداً، كنت أريدها لأفرح به معكم، فرأيت أن الأم لا داعي لها أن تلبس الزينة.

أرأيتم عقوقاً مثل هذا العقوق -أيها الأحبة-.

إن هذا في غياب تقوى الله -عز وجل- وفى غياب التربية الإسلامية في البيوت.