يقول كعب: فتمت لنا خمسون ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس في الحال التي ذكرها الله -فيما بعد- قد ضاقت علي نفسي، وضاقت عليّ الأرض بما رَحُبَتْ، سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك! أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك.
قال: فخررت ساجداً شاكراً لله عز وجل، وعرفت أن قد جاء الفرج.
وجاء الفرج وانبلج الفجر بعد أن بلغ الليل كماله في السواد، وأدرك كعب عظم نعمة الله عليه بسبب صدقه، فقال بعد ذلك: والله ما أنعم الله علي بنعمة بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأتي البشرى، وأيُّ بشرى يا عباد الله! بحسن العقبى، بشرى بالعودة إلى صفِّ المسلمين، بشرى يركض بها الفارس، ويهتف بها الراكب، على مثلها تكون التهاني، ولمثلها تكون البشائر والجوائز.
يقول كعب: فلما جاءني الذي بشرني نزعت له ثوبَيَّ فكَسَوْتُه إياهما ببشراه، والله ما أملك غيرهما، واستعرت ثوبيْن فلبستهما.