للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لكل بداية في الدنيا نهاية]

علمتني الحياة في ظل العقيدة: أن لكل بداية في الدنيا نهاية، ولكل شمل مجتمع فرقة، ولكل نعيم انقطاع.

إذا تم شيء بدا نقصه ترقبْ زوالاً إذا قيل تمَّ

بينما المولود يولد ويُفرح به، ويؤذن في أذنه؛ إذ به بعد وقت ليس بالطويل، يُحمل ليُصلى عليه، ما كأنه ضحك مع من ضحك، ولا كأنه فرح مع من فرح، ولا كأنه استبشر مع من استبشر، فكأن حياته ما بين أذان وصلاة، ولا إله إلا الله، ما أقصرها من حياة!.

أذان المرءِ حين الطفلُ يأتي وتأخيرُ الصلاةِ إلى المماتِ

دليلُ أن مَحْياه يسيرٌ كما بين الأذانِ إلى الصلاةِ

بينما الإنسان في أهله في ليلة آمناً مطمئناً فرحاً يخبر عن غيره، إذ به في ليلة أخرى وحيداً فريداً، لا مال، ولا ولد، ولا أنيس، ولا صاحب سوى العمل، وإذ به خبر يخبر به.

بينا يُرى الإنسانُ فيها مُخبراً فإذا به خبرٌ من الأخبارِ

بينما الطبيب يعالج من مرض إذا به يصاب بنفس المرض، فلا طبُّه ينفعه، ولا دواؤه يرفعه، وإذ به يلقى ما لقيه غيره على يديْه، وحال الناس:

ما لِلطبيب يموتُ بالداءِ الذي قد كان يُبْرِئ مثله فيما مَضى

مات المُداوِي والمداوَى والذِي جلب الدواءَ وباعه ومَنْ اشترى

ما أنت -والله- إلا كقطعة ثلج، تذوب ثم تذوب حتى تتلاشى، وكأن لم تكن.

سيصير المرءُ يوماً جسداً ما فيه رُوح

نُحْ على نفسك يا مِسـ كينُ إن كنتَ تَنوح

لست بالباقي وإنْ عُمرت ما عُمر نوح

فانتبه من رقدةِ الغفلةِ فالعمرُ قصيرُ

واطرحْ سوف وحتى فهما داء دخيل

واتَّقِ الَله وقَصر أملا ليس في الدنيا خلوُد للملا

الموت لنا بالمرصدِ إن لم يُفاجئ اليومَ فاجأَ في غدِ

الموتُ بابٌ، وكل الناسِ سيدخلون من هذا الباب، وما من باب إلا وبعده دار.

لا دار للمرءِ بعدَ الموتِ يسكنُها إلا التي كان قبلَ الموتِ يبنيها

فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنُه وإنْ بناها بشرٍ خابَ بانيها

كُتبَ الموتُ على الخلقِ فكم فلَّ من جيشٍ وأفنى من دُول

أين نمرود وكنعان ومن ملكَ الأَرضَ وولَّى وعَزَل؟

أين من سادُوا وشادُوا وبنَوا؟ هلكَ الكلُّ ولمْ تُغْنِ الحِيْل

أين أربابُ الحجا أهلُ التُّقى؟ أين أهلُ العلمِ والقَوم الأول؟

سيُعِيد الله كلاً مِنهم وسيجزِي فاعلاً ما قد فعل